كتاب الثريا

الخسارةُ الجماعيةُ

بقلم: د. مهيب أبو القمبز

قد يتكبّدُ الإنسانُ في حياتِه بعضاً أو كثيراً من الخساراتِ؛ وِفقاً لظروفِ حياتِه، وطريقةِ تعامُلِه مع تلكَ الظروفِ؛ وهذا أمرٌ طبيعيٌّ؛ لكنَّ الأمرَ غيرَ الطبيعيّ هو أنْ يَنجَرَّ الإنسانُ وراءَ سلسلةِ خساراتٍ؛ كان يَملكُ أنْ يمنعَها أو يمنعَ بعضَها.

قد يصابُ الإنسانُ بوَهنٍ أو انهزامٍ نتيجةَ مشكلةٍ تعترضُ حياتَه؛ فيجعلُه ذلكَ يتقبّلُ كلَّ الهزائمِ دفعةً واحدةً فيما بعدُ. فهذا شابٌّ تُوفيَ والدُه فحزنَ حزناً هائلاً؛ أفقدَه الرغبةَ في مواصلةِ تعليمِه الجامعيّ؛ فجلسَ في بيتِه يتجرّعُ كأسَ الحزنِ كما لو أنه ماءٌ؛ فساءتْ حالتُه النفسيةُ؛ وبدا كما لو أنه سيُصابُ بمرضٍ نفسيٍّ مُزمنٍ؛ لولا تدَخُلٌ متأخِرٌ من محيطِه.

إذا خسرَ الإنسانُ شخصاً أو وظيفةً أو مكانةً؛ فلا ينبغي أنْ يدَعَ تلكَ الخسارةَ تتضاعفُ؛ بل يجبُ أنْ يمنعَ حصولَ مزيدٍ من الخسائرِ. فلا تتركْ نفسَك فريسةً للشيطانِ ليُلحِقَ بكَ مزيداً من الخساراتِ. تذكّرتُ شابّاً كان يُدخٍنُ؛ ولَمّا سألتُه ما الذي دفعَه إلى ذلكَ في سنٍّ مبكّرةٍ؟ ردَّ بأنه لا يُصلّي؛ ولذلك فأيُّ خسارةٍ تلي ذلكَ لا تُعَدُّ خسارةً! قلتُ له: جميلٌ أنْ تُقِرَّ أنَّ ترْكَكَ للصلاةِ خسارةٌ؛ فهذا سيُساعِدُك على العودةِ إليها، لكنْ لماذا ترتكبُ مزيداً من الموبِقاتِ إضافةً إلى ذلكَ؟! لماذا يجبُ أنْ ترتكبَ مزيداً من الآثامِ؟! ألا يَكفيكَ ترْكُ الصلاةِ؟

جنِّبْ نفسَكَ مزيداً من الخسائرِ؛ لو كان بإمكانِك .!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى