بالخميرةِ والبصلِ واجِه قنابلَ الغاز

إعداد: أنوار هنية
مسيراتُ “العودة الكبرى” خيارٌ أجمعَ عليه الشعبُ الفلسطيني بكافةِ أطيافِه وألوانه، وتتوافدُ العائلاتُ على الخيامِ المقامةِ على الحدود؛ ضِمنَ فعالياتِ مسيرةِ العودة؛ التي عنونَها الفلسطينيونَ بالسلميّةِ، لكنّ الاحتلالُ لا ينفكُّ عن فضِّ جموعِ العائلاتِ والأطفالِ والنساء والشيوخِ؛ بإلقاءِ قنابلِ الغازِ المُسيلِ للدموع، نخصّصُ هذه المساحةَ للحديثِ عن كيفيةِ التعاملِ مع قنابلِ الغازِ؛ والإجراءاتِ الوقائيةِ التي يمكنُ إتّباعُها للتقليلِ من آثارِ الغازِ على الجمعِ الفلسطيني؛ مع د. “جدوع أبو شريعة” طبيبِ باطنة وأخصائي غُدّدُ صمّاء.
ماهي المادة المستخدّمة في قنابلِ الغازات؟
استخدمَ الاحتلالُ الصهيوني خلالَ الثلاثِ حروب السابقةِ أنواعاً مختلفةً من الغازاتِ السامةِ؛ سواءً من خلالِ القنابلِ أو الطائراتِ أو الغازاتِ التي تُطلِقُها قواتُ الاحتلالِ عبرَ الحدودِ ، ويستخدمُ الاحتلالُ في هذه الأيامِ قنابلَ الغازِ في “مسيرات العودة”، وقد تمَّ التعرّفُ على جزءٍ منها؛ والبعضُ الآخَرُ لم يتِمّ التعرفُ على ماهيتِها حتى الآن؛ وتشتملُ على مادةِ (الدياسيلاميت) السامّة، ويتمُّ استخدامُ الغازِ المُسيل للدموعِ؛ مِثلَ( CS وCR) للاعتداءِ على الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ؛ وهو يسبّبُ الألمَ بسببِ إفرازِ مادةِ ( Substance P) ؛ ومع ذلك فإنّ آثارَ الغازِ عادةً ما تكونُ مؤقّتةً؛ إلّا في الحالاتِ الحرجةِ؛ حيثُ تؤثرُ الغازاتُ السامةُ تأثيراً مباشراً على الجهازِ العصبيّ؛ وتَظهرُ أعراضُه جليّةً على المصابِ؛ ويحتاجُ إلى علاجاتٍ مكثّفة.
ما هي الأعراضُ والآثارُ المترتبةُ على استنشاقِ الغاز؟
تختلفُ الأعراضُ باختلافِ الحالات؛ هناك حالاتٌ طفيفةٌ، متوسطةٌ، وحادّةٌ؛ الحالاتُ الطفيفةُ والمتوسطةُ تظهرُ عليها أعراضٌ مؤقتةٌ؛ وتختفي خلالَ ساعاتٍ وتشتملُ:
احمرارٌ وحرقةٌ في العينِ والأنفِ والجلدِ.
عدمُ وضوحِ الرؤية.
سيلانُ الدموعِ والأنفِ.
قد تصابُ الأنسجةُ المكشوفةُ والمعرّضةُ للغازِ باحمرارٍ وحروقٍ كيمائيةٍ.
تمزُّقُ الأغشيةِ المخاطيةِ
جريانُ اللعابِ
طفحٌ جلديّ، وحروقٌ كيميائيةٌ على الجلدِ المكشوفِ والمعرّضِ للغازِ.
سعالٌ شديدٌ، وصعوبةٌ في التنفسِ؛ كذلك شعورٌ بالاختناقِ.
الإحساسُ بالارتباكِ والغضبِ الشديدِ .
وفى بعضِ الحالاتِ، قد تساهمُ المُذيباتُ المستخدمةُ في إعدادِ الغازِ المُسيلِ للدموعِ في ردِّ فعلٍ أسوأَ، وقد تكونُ أكثرَ سُميّةً من الغازِ نفسِه؛ خاصةً إذا تجاوزَ تخزينُه فترةَ الصلاحية، وهذا عاملٌ مُهم، فقد يصابُ البعضُ بحالاتِ تشنّجٍ؛ يصاحِبُها خروجُ الزبَدِ وعدمُ التحكمِ بالبولِ! وتوصَفُ بالحالاتِ الحرجةِ.
وقد تُصابُ بعضُ الحالاتِ بحالةِ تَشنُّجٍ صعبةٍ؛ ويتمُّ التعاملُ معها بالعلاجاتِ المهدّئةِ؛ ويتمُّ تحويلُهم إلى مستشفى الشفاءِ؛ حيثُ يتم إعطاؤهم العلاجاتِ الوريديةِ (الكرتوزونية)، ويتم التعاملُ مع الحالاتِ الطفيفةِ والمتوسطةِ آنيّاً في الخيمةِ الميدانيةِ المقامةِ على الحدودِ.
كيف يمكنُ مقاومةُ تأثيرِ قنابلِ الغازِ؟
لابدَّ من اتخاذِ مجموعةٍ من التدابيرِ الني تساهمُ في مقاومةِ تأثيرِ الغازِ، نذكرُ منها:
تَجنَّبْ أنْ تكونَ في مسارِ حاويةِ الغازِ عندِ إطلاقِها؛ ولا تلمسْ أيَّ حاويةِ غازٍ بعدَ سقوطِها على الأرضِ.
قنابلُ الغازِ مادةٌ حرارية؛ لذلك يجبُ غسلُ الوجهِ بالماءِ مباشرةً؛ والامتناعُ عن حكِّ الأعيُنِ أو لَمسِ الوجهِ.
تجنّبْ لبسَ العدساتِ اللاصقةِ تماماً.
استخدِمْ الهواءَ داخلَ قميصِك للتنفسِ ولكنْ لدقائقَ؛ لأنّ القميصَ سيَتشبّعُ بعدَ قليلٍ بالغازِ.
ما هي الوسائلُ الوقائيةُ التي تساهمُ في التخفيفِ من الغاز؟
الابتعادُ قدْرَ الإمكانِ عن مكانِ إطلاقِ الغازاتِ السامّة .
استخدامُ الكمّاماتِ الطبيةِ (من الصيدلية).
يجبُ استخدامُ الكماماتِ ورَشُّها بالماءِ والخميرةِ؛ و تُعَدُّ باستخدامِ خمسةِ جراماتٍ من الخميرةِ؛ مع نصفِ لترٍ من الماءِ؛ وتوضعُ في بخّاخٍ ، ويُرَشُّ منها على الكمّامةِ.
لا بأسَ من قطعةِ قماشِ مبلّلةٍ بعصيرِ الليمونِ أو الخلِّ؛ ووضعِها في كيسِ بلاستيك، وعندَ إطلاقِ الغازِ تَنفّسْ خلالَ هذه القطعةِ حتى الخروجِ من مكانِ الغازِ (إذا لم يتوافرْ الخلُّ؛ يمكنُ استخدامُ البصلِ؛ وذلكَ للحَدِّ من تأثيرِ رائحةِ الغازِ، ومواجهةِ صعوبةِ التنفسِ).
يُنصحُ الأشخاصُ ذَوو الحساسيةِ بالابتعادِ عن أماكنِ إلقاءِ قنابلِ الغازِ.
استخدامُ الأقنعةِ والكماماتِ الواقيةِ من الغازِ.
استخدامُ أكثرَ من منديلٍ؛ وأكثرَ من قطعةِ قماشٍ؛ تكونُ مبلّلةً بالخلِّ والماءِ؛ لأنّ قطعةً واحدةً، أو منديلاً واحداً يمكنُ أنْ يفقدَ فاعليتَه سريعاً.
استخدامُ نظاراتٍ واقيةٍ؛ كنظاراتِ السباحةِ مثلاً.
يفضّلُ غسلُ الوجهِ مُسبقاً بالصابونِ المُصنّع بزيتِ الزيتون.
يفضل ارتداءُ نوعيةِ ملابسَ؛ لا تسمحُ بمرورِ الماءِ للجلدِ؛ وتُغطي أكبرَ قدْرٍ ممكنٍ من الجسم.
يجبُ ارتداءُ الملابسِ التي تُغطي أكبرَ قدْرٍ من الجسمِ .
تجنّبْ الوقوفَ في مسارِ قنبلةِ الغازِ؛ فكثيراً ما تنفجرُ قنابلُ الغازِ المُسيلِ للدموعِ في الهواء؛ فتصلُ الحاويةُ المعدنيةُ التي يتمُ بثُّ الغازِ من خلالِها؛ وتكونُ هذه الحاويةُ ساخنةً؛ ويمكنُ أنْ تسبّبَ إصاباتٍ وحروقاً؛ عندئذٍ ينبغي ألّا تلتقطَ أسطوانةَ الغازِ المُسيلِ للدموعِ التي لم تنفجرْ؛ لأنها يمكنُ أنْ تنفجرَ في يديكَ؛ وتسبّبَ لك إصاباتٍ بالغةً.
أفضلُ وسيلةٍ للدفاعِ ضدَّ الغازِ المُسيلِ للدموعِ؛ هي ارتداءُ قناعِ الغازِ؛ ولكنْ إذا لم يكنْ لديكَ قناعٌ؛ فهناك بعضُ الخطواتِ التي يمكنُكَ اتّخاذُها لتقليلِ الضررِ من الغازِ المُسيلِ للدموع.
إذا لم يكنْ لديكَ نظاراتٌ أو أيُّ نوعٍ من الأقنعةِ؛ عليكَ أنْ تتنفسَ الهواءَ داخلَ قميصِك؛ لأنّ تدويرَ الهواءِ هناك يكون أقل، ومن ثم يحتوي على تركيز أقل من الغاز، ولكنْ لا تفعلْ ذلك لمدةٍ طويلةٍ؛ حتى لا يأتيَ بنتائجَ عكسيةٍ عندما يصبحُ النسيجُ مُشبعاً بالغازِ.
كيف يتمُ التعاملُ مع المصابِ باختناقِ الغاز؟
يجبُ عدمُ الارتباكِ أو الخوفِ أو القلقِ؛ حيثُ أنّ أضرارَ القنابلِ المسيلةِ للدموعِ وقتيةٌ ولا تدومُ، والقلقَ والاضطرابَ يعملُ على فتحِ مسامِ الجلدِ؛ ما يسمحُ للمزيدِ من الموادِ الكيماويةِ لدخولِ الجسمِ.
يجبُ إبعادُ المصابِ عن المنطقةِ الملوثةِ بالغازِ، مع مراعاةِ عدمِ لمسِ العينِ أو الأماكنِ المصابةِ؛ لعدمِ إعادةِ التلوثِ إلى العينِ.
إذا كانت نسبةُ التسمُّمِ عاليةً؛ يجبُ إعطاءُ المريضِ تبخيراتِ “فنتولين” وعلاجاتِ “الكورتيزون” .
كما يراعَى تركُ العينينِ مفتوحتينِ في الهواءِ، وعدمُ إغلاقِ العينينِ، وفردُ اليدَينِ؛ حتى تتطايرَ آثارُ الغازاتِ في الهواءِ، ولا تَعلقَ بالجلدِ.
يجبُ غسلُ العيونِ بمحلولِ ملحٍ مُعقّمٍ، أو بالمياهِ؛ حتى يبدأَ الإحساسُ اللاذعُ بالتخفيفِ.
عندَ استنشاقِ الغازِ عن طريقِ الفمِ أو الأنفِ؛ لابدّ من محاولةِ عدمِ ابتلاعِها بقدرِ الإمكانِ عن طريقِ البصقِ من الفمِ والأنفِ.
عدمُ الوقوفِ مع اتّجاهِ الريحِ المُحمّلِ بالغازاتِ، وعدمُ دخولِ أماكنَ مغلقةٍ، وعندَ تعدّي مكانِ الغازاتِ يجبُ التنفسُ ببطءٍ.
غسلُ الوجهِ والجلدِ عامةً بماءٍ باردٍ، والابتعادً عن الماءِ الساخنِ؛ كونَه يعملُ على تفتيحِ المسامِ، وتسرُّبِ الموادِ الكيماويةِ للجسمِ.
أكثرُ مكانٍ يَعلقُ به الغازُ هو الشعرُ؛ لذلك لا تجعلْ الموادَ المسيلةَ تنتقلُ إلى عينيكَ عن طريقِ الاستحمامِ أو غسلِ الرأسِ، اغسلْ رأسَك بطريقةً لا تجعلِ الماءَ ينزلُ على وجهِك أو عينيكَ.
يفضّلُ خلعُ الملابسِ مباشرةً في أقربِ فرصةٍ؛ لأنّ الغازَ يلتصقُ بالملابسِ.
من الأفضلِ استخدامُ محلولِ معالجةِ الجفافِ الخاصِّ بالأطفالِ؛ ووضْعُه على لترٍ من الماءِ، والمضمضةُ به، ويمكنُ غسلُ العينِ به؛ ولكنْ يكونُ الغسيلُ من الداخلِ إلى الخارجِ، وليس العكسُ؛ بمَعنى أنْ تجعلَ مياهَ المحلولِ تدخلُ العينَ أولاً، وتُطرَدَ على الخدِّ،
وعندها ستؤلمُ في البدايةِ؛ ولكنها تُطهِّرُ سريعاً جداً عند غسلِ العينينِ بماءِ المحلولِ.
صعوباتُ التنفسِ يمكنُ أنْ تعالجَ بالأكسجينِ، وفي بعضِ الحالاتِ باستخدامِ الأدويةِ والبخاخاتِ التي تستخدمُ لعلاجِ الرَّبو، وأحياناً يحتاجُ الأمرُ إلى أجهزةِ التنفسِ الصناعي.
كيف يتمُ التعاملُ مع المصابينَ في الخيمةِ الميدانيةِ؟
هناكَ خيمةُ إسعافاتٍ أوَّليةٍ ميدانيةٍ مقامةٍ في مكانِ الحدَثِ؛ للتعاملِ مع المصابينَ؛ مكوّنةٌ من مجموعةٍ من الممرضينَ والأطباءِ الذين يعملونَ داخلَها منذُ الساعةِ الثامنةِ صباحاً؛ وحتى الثامنةِ مساءً؛ يجتمعُ فيها طاقمُ تمريضٍ مُفرَزٌ من عياداتِ ومستشفياتِ القطاعِ الصحي للتعاملِ مع الحالاتِ؛ حيثُ تتعاملُ بنظامِ الفرزِ الطبيّ؛ وذلك بتقسيمِ المصابينَ حسبَ الحالةِ (طفيفة، ومتوسطة، وحادّة)، ويتمُ التعاملُ مع الحالاتِ الطفيفةِ والمتوسطةِ في المكانِ نفسِه؛ بينما يتمُ تحويلُ الحالاتِ الحرجةِ إلى المستشفياتِ حسبَ الحالةِ.
كما يتمُ التعاملُ مع حالاتِ إطلاقِ الرصاصِ حسبَ درجةِ الإصابةِ وشدّتِها؛ الحالاتُ الطفيفةُ والمتوسطةُ داخلَ الخيمةِ؛ والحرجةُ يتمُ تحويلُها إلى مستشفياتِ (الشفاء أو الأوروربي أو ناصر)، والخيمةُ مُعَدّةٌ بإمكاناتٍ بسيطةٍ؛ حيثُ تشتملُ على أدواتِ الإسعافاتِ الأوليّةِ، وأنابيبِ الأكسجين، ومُعّداتِ تقطيبِ الجروحِ، والمحاليلِ، والقطن، والشاش، وأدواتِ التعقيم، ولاشكَّ أنّ وزارةَ الصحةِ تعاني من نقصٍ حادٍّ في الأدواتِ والمُعدّاتِ الطبيةِ، وتتعاملُ وِفقَ الموادِ المتوفرةِ والضروريةِ.