كتاب الثريامدونات الثريا

كلماتٌ نُدَمِرُهم بها !!

بقلم : د.مريم البرش

لَئيمٌ، صعبٌ، بخيلٌ، خبيثٌ.. بعضُ الصفاتِ التي قد تُطلِقُها الأمُّ أو المحيطونَ به على الطفلِ؛ الذي لم يَتعدَّ الأشهرَ؛ لأنهم شاهدوا ردّةَ فعلٍ غريبةٍ أو مضحكةٍ منه على بعضِ التصرّفاتِ.

بعضُ المواقفِ التي تَتكرَّرُ من الأطفالِ؛ كأنْ تَجدَ الطفلُ ذو العامِ الواحدِ يعرفُ حذاءَ أُمِّه من بينِ الأحذيةِ جميعاً! فيحاولُ أحدُهم أخْذَ الحذاءِ منه؛ فيُصِرُّ الطفلُ على الاحتفاظِ به؛ ما يَجعلُ المحيطينَ بالطفلِ ينفجرونَ في موجةٍ من الضحكِ والتعجُّبِ من تصرّفِ الطفلِ في هذا الموقفِ! وكيف أنه حاوَلَ _مستميتاً_ الدفاعَ عن أغراضِ أمِّه، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ وفِطريٌّ في البشرِ.

لكنكَ قد تُفاجأُ ببعضِ الكلماتِ التي تَخرج ممن حولَه: بوَصفِه لئيماً، خبيثاً، صعباً، مِش بسيط! وكلماتٍ أخرى تحاولُ وَصفَ فِطنةِ الطفلِ وذكائهِ؛ فتَخرجُ على هيئةِ سهامٍ مسمومةٍ نحوَ عقلِ الطفلِ!

وقد تكبرُ الكلماتُ فتصبحُ: “لئيم زي خالك”، أو ” بخيل زي عمتك” !!!!

يبدأُ الطفلُ في اكتسابِ هذه الصفاتِ كمعلوماتٍ عن نفسِه بطريقةِ السمعِ؛ ثُم تَدخلُ إلى دماغِه فتجعلُ تصرّفاتِه تَتجِهُ نحوَ هذه العاداتِ السلبيةِ بطريقةٍ غيرِ مباشِرةٍ!

ويَكبَرُ الطفلُ الصغيرُ الذي كان لا يدركُ كُنهَ الكلماتِ؛ لتُشكِّلَ تصرفاتِه البسيطةَ في البدايةِ؛ ثُم تَكبَرَ معه في كلِّ تعقيداتِ حياتِه؛ فيَظلَّ الطفلُ في اقتناعٍ تامٍّ بهذهِ الصفاتِ في نفسِه.

وتُعَدُّ هذه الأفعالُ من الكبارِ من أسوأِ التصرّفاتِ التي قد تشكِّلُ شخصيةَ الطفلِ، وللأسفِ، فإنّ أغلبَ هذه الكلماتِ تكونُ الأمُّ مَصدرَها! وخاصةً حينما تتحدثُ عن طفلِها للناسِ؛ وتُخبِرُهم بصفاتِ طفلِها؛ وتُعدِّدُها بطريقةٍ سلبيةٍ، متجاهلةً الفرقَ بينَ كلمةِ ذكيٍّ وخبيثٍ؛ والفرقَ بينَ كلمةِ طيبٍ وأهبلٍ !!!

وتأكّدي تماماً أنه حين ينكسرُ طفلُكِ من الداخلِ؛ فلن يُرمِّمَه أحدٌ، وحينما ينهزمُ من الداخلِ؛ فلن يَنصُرَه أحدٌ، أنتِ فقط من سيُتعِبُكِ الأمرُ، والتراكماتُ مؤذِيةٌ جداً جداً؛ فلو أخطأتِ مرّةً بوَصفِ طفلِكِ بصفةٍ سلبيةٍ؛ فحاوِلي ألّا تَتكرّرَ مُطلقاً.

ولْتَكُنْ كلماتُكِ دوماً في وَصفِ طفلِكِ إيجابيةً ومحبوبةً مِثلَ: أنتَ بطلٌ، هذا تصرّفٌ ذكيٌّ ومُحَنّك، أنتَ ستَصبِحُ مهندساً؛ لأنكَ قادرٌ على ترتيبِ الأمورِ، أنتَ ستكونُ طبيباً للقلوبِ.. .

أطفالُنا زَرْعُ اليومِ؛ وحصادُ المستقبلِ، فَلْنعملْ على بناءِ جيلٍ متماسكٍ من داخلِه واثقٍ في نفسِه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى