كيف ننتفع بالقرآن ؟

بقلم: د. ماهر السوسي رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية
يقول ابن القيم في جزئية كيف ننتفع بالقرآن:” إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته أو عند سماعه , احضر حضور من يخاطبه به، إذا قرأت قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا “، ينبغي أن تشعر أن الله يخاطبك، فإذا أردت أن تحدث الله عز وجل فادعه، وإذا أردت أن يحدثك الله عز وجل فاقرأ القرآن، إن قرأت القرآن بقلب حاضر كأن الله يحدثك، والآية الكريمة: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾ تضبط هذه الحقيقة .
إذا نصل إلى حقيقة أن القلب الميت قلب لا يتأثر بالقرآن إطلاقاً: لذلك لو قرأت القرآن على قلب ميت لا يتأثر إطلاقاً، قال تعالى:﴿ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى (44) ﴾( سورة فصلت )، ﴿ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) ﴾( سورة الإسراء)﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198)﴾ ( سورة الشعراء).
وقيمة القرآن الحقيقية تكمن في معانيه، وقدرته على إحداث التغيير الجذري لقارئه، وإعادة صياغة عقله، وبث الروح في قلبه، وترويض نفسه ليخرج منه عالمًا بالله عز وجل عابدًا له بإخلاص وعلى بصيرة، وهذا لن يتحقق بمجرد القراءة العابرة باللسان فقط، ولو تم ختمه بهذه الطريقة آلاف المرات.
والتغيير الذي يُحدثه القرآن يبدأ بدخول نوره إلى القلب، فكلما دخل النور إلى جزء من أجزائه بدَّد ما يقابله من ظلمة أحدثتها المعاصي والغفلات واتباع الهوى، وشيئًا فشيئًا يزداد النور في القلب، وتدبّ الحياة في جنباته، ليبدأ صاحبه حياةً جديدةً لم يعهدها من قبل.. قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ (الأنعام: من الآية 122
و تعزيز القرآن في حياة المسلم يحتاج إلى الخطوات التالية :
أولا :إجادة التلاوة والتجويد لتقرأه كما أنزل، وإذا لم تكن كذلك فحاول أن تحصل على دورات فيها وهذا ليس بالأمر الصعب.
ثانيا عليك اتخاذ ورد يومي كترتيل جزءٍ يومياً أو أكثر مع تدبره وربطه بالواقع، وعليك الاجتهاد في استظهاره كاملاً, أو حفظ أكبر قَدْرٍ منه، الاطلاع على تأويله من تفسيرين على الأقل, والْتقاط الفوائد وتدوينها.
كذلك يمكنك سؤال المختصين ومناقشتهم فيما الْتبس عليه منه, أو في الفتوحات التي تنقدح في ذهنه من أثر التدبر.
وأن تتخذ القرآن خُلُقاً ونوراً تمشي به في الناس الْتزاماً ودعوة، وعليك الحرص على حلقات القرآن, والتلاوة الجماعية, والتدارس مع الآخرين, مع الإلمام بكيفية التعامل مع القرآن من خلال كتاب الشيخ القرضاوي وغيره.