غير مصنف

المُوازنُ الفلسطينيّ “العِوضي” يسعَى للعالميةِ ونشْرِ فنِّ الموازنةِ عربياً

تقرير: إيهاب جمال المغربي

يمارسُ “أحمد العوضي (19) عاماً من مدينةِ غزة ، فنًا مختلفاً تمارسُه قلّةٌ قليلةٌ في العالمِ أجمع ؛ يُحاكي من خلالِه موازنةَ الأجسامِ المختلفةِ في تَحَدٍّ واضحٍ لجاذبيةِ الأجسامِ وكُتَلِها؛ ليصِلَ إلى لوحةٍ فنيةٍ مُبهِرةٍ وصامدةٍ أمامَ عينِ المُشاهدِ .

كانت المرّةُ الأُولى لمعرفةِ “أحمد” بهذا الفنِّ؛ عندما شاهدَ عبرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ صورةً لبعضِ الصخورِ المتوازنةِ؛ على الرغمِ من اختلافِ أحجامِها وكُتلِها؛ والتي شكّلتْ لوحةً فنيةً فائقةَ الجمالِ؛ دفعتْهُ للبحثِ في خلفيةِ الصورةِ؛ وكيفيةِ موازنةِ الصخورِ داخلَها؛ فاكتشفَ أنّ هناكَ فنّاً يُعرفُ بـ” فنّ الموازنة” يُجيدُه بعضُ الأشخاصِ فقط على مستوى العالمِ العربي.

هوايةٌ وممارسةٌ

يقولُ “أحمد”:” لقد استهواني فنُّ الموازنةِ منذُ اللحظةِ الأُولى؛ وبِتُّ أحدَ الباحثينَ والمهتمينَ بالاطّلاعِ عليه والعملِ به، وأصحبتُ أمارسُ تَعلُّمَه بشكلٍ يوميّ قرابةَ الأربعِ ساعاتٍ حتى أتقَنتُه ، وأصبحتُ واحداً من المتمرّسينَ فيه .

يضيفُ”: ساعدَتني مواقعُ التواصلِ في البحثِ عن أفكاري في الترويجِ لها؛ وقمتُ بنَشرِ صورِ الأجسامِ التي أقومُ بموازنتِها على “الفيسبوك” ؛ فوجدتْ إقبالاً وإعجاباً واسعاً “، وفتحتْ أمامي الآفاقَ للبحثِ عن أجسامٍ أخرى؛ يُمكِنُني ممارسةُ فنّي من خلالِها؛ على سبيلِ المثالِ : وضْعُ كرسيٍّ صغيرٍ فوقَ عُنقِ زجاجةِ الماءِ، أو جهازٍ كهربائيّ أو طاولةٍ فوقَ جسمٍ صغيرٍ جداً .

ويتابعُ “العوضي” : إنّ كلَّ تجربةِ موازنةٍ تأخذُ حَيزاً من وقتِه؛ قد يصلُ إلى أربعِ ساعاتٍ متواصلةٍ؛ لاسيّما في عمليةِ موازنةِ الجسمِ، والبحثِ عن نقطةِ ثِقَلٍ وارتكازٍ؛ منوّها أنّ الشغَفَ أكبرُ دافعٍ للإنجازِ؛ فجمالُ هذا الفنِّ؛ والطريقةُ الغريبةُ التي ترتكزُ فيها الصخورُ غيرُ متناسقةِ الحجمِ أوِ الوزنِ أوِ الشكلِ؛ ونقطةُ الثِّقَلِ جميعُها معطياتٌ خرافيةٌ ومُتعبةٌ؛ لا تنجحُ إلاّ بالشغفِ وحُبِّ الهوايةِ.

ويؤكّدُ “العوضي” أنه إلى جانبِ الشغفِ يحتاجُ “المُوازِنُ ” إلى الصبرِ والتركيزِ والهدوءِ؛ بالإضافةِ للانطباعِ الإنسانيّ الذي يعيشُه؛ والمُنعكسِ على كلِّ لوحة ؛ بألّا يكونَ هناكَ ردّةُ فِعلٍ عصبيةٍ، أو شعورٌ بالغضبِ في تنفيذِ إحدى لوحاتِه، بالإضافةِ إلى تكرارِ المحاولةِ والمجازفةِ أحيانا؛ً خصوصاً حينما يتمُّ العرضُ أمامَ الجمهورِ.

“كاشير” سوبرماركت

يَعرضُ “العوضي” _الذي يقضي نهارَه خلفَ “كاشير” أحدِ محلاتِ “السوبرماركت” في غزةَ، عبرَ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ؛ صوَرَ ومقاطعَ فيديو ترويجيةً لِفنِّه، فيَلقى من خلالِها اهتمامَ الكثيرينَ على المستوى المَحلّي والدوليّ.

و يطمحُ “أحمدُ” _الذي تركَ مقاعدَ الدراسةِ_ إلى ممارسةِ فنِّه بطريقةٍ احترافيةٍ، وفى محافلَ دوليةٍ ؛ إضافةً إلى اكتسابِ خبراتٍ جديدةٍ من ممارسي الفنِّ على مستوى العالمِ العربيّ ، خاصةً بعدَ فشَلِه بالتواصلِ مع ممارسي فنِّه خارجَ حدودِ غزة .

يحاولُ “أحمدُ” من خلالِ معارفِه وأصدقائه نشْرَ فنِّه ؛ وذلكَ من خلالِ شرحِ طرُقهِ وقواعدِه للأصدقاءِ والمعارفِ، ولكُلِّ من يطلبُ تعلُّمَه في محاولةٍ منه لتشكيلِ فريقٍ يمكنُ أنْ يكونَ النواةَ الأولَى لهذا الفنِّ فلسطينياً .

وبحسبِ موسوعةِ “الويكيبيديا”، تأسّسَ فنُّ الموازنةِ على يدِ الفنانِ “روك” _إثيوبيّ الجنسيةِ_ وفكرةُ هذا الفنِّ هي تثبيتُ الأجسامِ بطريقةٍ غيرِ مألوفةٍ؛ كتثبيتِ التلفازِ بشكلٍ مائلٍ فوقَ زجاجةِ دواءٍ؛ لا يتعدّى طولُها عشرةَ سم .
يرتبطُ فنُّ الموازنةِ بعلمِ “الفيزياء” ؛ وله قواعدُ فيزيائيةٌ متّبَعةٌ تقولُ: إنّ لكُلِّ جسمٍ نقطةَ ثِقلٍ؛ تكونُ هذا النقطةُ هي نقطةَ الارتكازِ، وقد نستغرقُ وقتاً طويلاً في البحثِ عن نقطةِ الثقلِ؛ لكنْ في النهايةِ هي موجودةٌ .

وبحسبِ “أحمد” فإنّ ممارسةَ هذا الفنِّ موسميةٌ؛ ومرتبطةٌ بحركةِ الرياحِ؛ لذا يصعبُ ممارستُها على سبيلِ المثالِ خلالَ الشتاءِ، أو خلالَ الأيامِ التي تشهدُ حركةً للرياحِ .

غيابُ الرعايةِ الحكوميةِ

من جانبِه يقولُ “غسان محيسن” مديرُ دائرةِ العلاقاتِ العامةِ والإعلامِ في وزارةِ الشبابِ والرياضةِ؛ إنّ وزارتَه ترحّبُ بكُلِّ المواهبِ الشابّةِ؛ وتحاولُ البحثَ عن تصنيفٍ وزاريٍّ يليقُ بكُل موهبةٍ وتطويرَها.

ويضيفُ:” تحاولُ الوزارةُ أنْ تدعمَ هذه المواهبِ من خلالِ الإمكاناتِ المتاحةِ؛ رغمَ ما تعانيهِ من قلّةٍ في الإمكاناتِ والمواردِ الماليةِ ، منوّهاً أنه في بعضِ الأحيانِ يتوفّرُ دعمٌ للوزارةِ؛ ما يُمكِنُها دعمُ المواهبِ الشابّةِ والنادرةِ.. بالعادةِ تَحظَى الألعابُ الأكثرُ (شهرةً، وأهميةً، وانتشاراً، وتشكيلاً) بدَعمٍ أكثرَ من غيرِها؛ حيثُ أنّ هذه الألعابَ يُمكِنُ أنْ ترفعَ اسمَ فلسطينَ في المحافلِ الدوليةِ، ورُبما يغيبُ تمثيلُه في المحافلِ العربيةِ والدوليةِ أصلاً .

ويقولُ:” إنّ فنَّ الموازنةِ من الممكنِ أنْ يندرجَ تحتَ ألعابِ الخِفّةِ “كالسيركِ” مثلاً، والوزارةُ ليس لديها مانعٌ من تقديمِ ملفٍ بهذه الموهبةِ؛ بل ستقومُ بدراستِها دراسةً مُجديةً؛ تسمحُ لإضافتِها ضِمنَ أنشطةِ الوزارةِ، أو توجيهِها إلى مسارٍ آخَرَ؛ يمكنُ من خلالِه تطويرُ هذا الموهبةِ، منوّها أنّ “الموازنة” رياضةٌ خاصةٌ لا تُعطَى أهميةً كالرياضاتِ الأخرى؛ التي لها اتحاداتٌ وأنديةٌ رسميةٌ، ولكنْ لها رعايتَها الخاصةَ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى