كتاب الثريامدونات الثريا

دموعُ أُنثَى..!

يُقالُ أنّ الزوجَ  كالمصوّرِ، الذي يَتوقّعُ من زوجتِه أنْ تكونَ دائمةَ الابتسامِ، في انتظارِ أنْ يَلتقطَ لها صورةً في أيِّ وقتٍ شاءَ، لكنّ النساءَ فُطِرنَ على رقّةِ القلبِ التي تتسبّبُ لهنَّ غالباً بسرعةِ انهمارِ الدموعِ.

الإشكالُ هنا هو أنّ الخبراءَ يقولونَ: إنّ دموعَ المرأةِ غالباً ما تُشعِرُ الزوجَ بأنه قد أخفقَ في إسعادِها، وأنه قد فقدَ ثِقتَها وإعجابَها، ولم يَعدْ مُلائماً أنْ يكونَ فارسَها، ومصباحَ أحلامِها، وقد يدفعُ ذلك الزوجَ لأنْ يستنتجَ: زوجتي لا تُقدِّر مجهوداتي، هي زوجةٌ نكديةٌ، متشائمةٌ، عبوسةٌ، لقد أحبطتني، لم أعُدْ أطيقُ الحياةَ برفقتِها..!!

وإنّ أحدَنا ليتوقفُ طويلاً أمامَ الهَدي النبويّ، والُّلطفَ المُحمَديّ في التعاملِ مع الزوجةِ في كلِّ حالاتِها، رِضاً وغضبًا، فقد وردَ أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- حجَّ بنسائِه…، فبينما هم يسيرونَ؛ بَرَكَ “بصَفيّةِ” بنتِ حُيَيِّ جَملُها، وكانت من أحسنِهنَّ ظَهراً، فبَكتْ، وجاءَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حين أُخبرَ بذلك؛ فجعلَ يمسحُ دموعَها بيدِه..!!!)

صلّى عليكَ اللهُ يا حبيبي يا رسولَ الله..!! ما أرفقَكَ وأرحمَكَ.. وأطيبَ خُلُقِكَ..!!  .

لقد بلغَ عليه الصلاةُ والسلامُ مَبلَغاً رائعاً في الرِّقةِ والعطفِ، حينَ أوقفَ قافلةَ الحجِّ؛ عندما عَلمِ ببكاءِ زوجِه “صفية”، وأتى عندَها، ومرّرَ يدَه الشريفةَ على وَجنتَيها؛ ليمسحَ عنهما الدموعَ، ويمسحَ بذلك عن قلبِها ما يُرهِقُه، ولم يخجلْ رسولُنا الكريمُ من إظهارِ ذلك التعاطفِ، وتلكَ الرِّقةِ بينَ جموعِ مَن في القافلةِ، ولم يَعُدُّه انتقاصاً من مكانتِه..!! .

أيُّها الزوجُ الكريمُ: مشاعرُ الضيقِ؛ وما قد يصاحبُها من دموعٍ؛ هي جزءٌ من طبيعةِ كلِّ أُنثى، ومن المُمكنِ أنْ لا تُدركَ المرأةُ _ذاتُها_ الأسبابَ التي دعتْها إلى الضيقِ أو البكاءِ، فهي قد تكونُ عبارةً عن تراكُماتٍ، أو ضِيقٍ مفاجئٍ بلا سببٍ مَنطقيّ، فلْتلْتَمسْ لها عُذراً، وحسبُكَ في ذلكَ أنْ تَعرفَ أنّ أهلَ الطبِّ يقولونَ: إنّ المرأةَ لا تمرُّ بحالةِ استقرارٍ هُرمونيّ طيلةَ حياتها..!!! .

دموعُ زوجتِك هي ليست من قَبيلِ الاتهامِ لك، أو الانتقاصِ من قَدْركَ وفضلِك..إنما هي رسائلُ منها إليكَ.. مَفادُها: أنها تفتقدُكَ.. وأنها في أمَسِّ الحاجةِ إلى حنانِكَ وعطفِكَ.. إلى مؤازرتِكَ وعونِكَ.. إلى كفَّيكَ الحانيتينِ لتمسحَ عن وَجنتَيها الدموعَ.. هي بحاجةٍ لأنْ تُسمِعَها معزوفةَ قلبِكَ النابضِ.. وهو يقطعُ لها الوعودَ والعهودَ، ويَهمِسُ لها مواعِداً أنها ستظلُّ بقُربِه دائماً وأبداً بألفِ خيرٍ، إلى آخِرِ نبضةٍ فيه.. إلى آخِرِ دَفْقةٍ…!!!

إنّ نجاحَكَ في احتواءِ زوجِك في لحظاتِ البكاءِ.. يجعلُ ضِيقَها أشبَهَ ما يكونُ بتراكماتٍ أثقلتْ غيمةً؛ فما لبِثتْ أنْ أمطرتْ، وسيَعقُبُ ذلك المطرَ انقشاعُ الغيومِ.. سيَعقُبُه سماءٌ صافيةٌ.. وشمسٌ مشرقةٌ.. وحُبٌ صافٍ رَقراقٌ لا يَذوي..!! .

ويَحسُنُ أنْ يُقالَ هنا؛ أنّ الزوجَ وإنْ كان مُطالَباً باحتواءِ لحظاتِ الضيقِ والبكاءِ؛ أيضاً فإنّ مُبالَغةَ الزوجةِ بمِثلِ هذه الأمورِ من الضيقِ والدموعِ لا يُمكِنُ لها أنْ تأتيَ بخيرٍ مُطلقاً، وهي تؤدّي إلى امتلاءِ الحياةِ بالنَّكدِ والهَمِّ والغمِّ، فالمرأةُ لابدَّ أنْ تحاولَ جاهدةً أنْ تصنعَ سعادتَها وإشراقتَها، فجَمالُ رُوحِها، وإشراقةُ ابتسامتِها هي أساسُ كلِّ سعادةٍ في البيتِ، وعليها أنْ تلجأَ إلى ربِّها، وتَستعيذَ من شيطانِها؛ حتى يُبعِدَ اللهُ عنها كلَّ مزاجٍ مُتعَكِّرٍ..

 

رِفقاً بالقواريرِ..

رِفقاً بقلوبِ القواريرِ..

ورِفقاً بدموعِ القواريرِ…!!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى