الفِرَقُ والمجموعاتُ الشبابيةُ بينَ تطويرِ المهاراتِ والقدراتِ وضياعِ الوقتِ والاستغلالِ

استطلاع : أحلام العجلة
كلُّ عامٍ يَتِمُ تخريجُ أفواجٍ هائلةٍ من الشبابِ؛ يطرُقونَ أبوابَ المؤسساتِ آمِلينَ إيجادَ فرصةِ عملٍ؛ لكنَّ أحلامَهم تتحطّمُ في ظِلِّ وضعٍ اقتصاديّ واجتماعيّ صعبٍ، فنَجدُ منهم من يلجأونَ للتطوعِّ، وآخَرينَ ينضَمّونَ لمجموعاتٍ شبابيةٍ خاصةٍ أو تابعةٍ للمؤسساتِ؛ من أجلِ إثباتِ أنفُسِهم، وتوصيلِ رسالتِهم للمجتمعِ؛ ولكنْ هل هذه الفِرقُ حافزٌ لتطويرِ قُدْراتِ الشبابِ أَم استغلالٌ وضياعٌ لطاقاتِهم ؟! .
تُطوِّرُ قدْراتِهم
ويتحدثُ الناشطُ الإعلامي ” باسل السحار” “للسعادة” ويقولُ :” المجموعاتُ الشبابيةُ التي تُنجِزُ بكُلِّ موَدةٍ وحبٍّ واجتهادٍ ونشاطٍ، وبلا عائدٍ ماليٍّ أو ماديٍّ، فهي في الصدارةِ؛ وهي للتألُّق عنوانٌ؛ وتُعَدُّ حافزاً لتطويرِ قُدراتِ الشبابِ؛ فمِن خلالِها يكتسبُ أفرادُ المجموعةِ مهاراتٍ وسلوكياتٍ كثيرةً ، و فيها إشباعٌ لرغباتِه، وشعورٌ للفردِ بالثقةِ بالنفسِ، وتحقيقِ الذاتِ , وأيضاً هذه المجموعاتُ لها دورٌ كبيرٌ في تنميةِ مهاراتِ وقُدراتِ الشبابِ العلميةِ والعمليةِ، والممارسةِ على أرضِ الواقعِ، ويكونُ لها أكبرُ أثرٍ في شخصيةِ الفردِ، وإبقاءِ مكانةٍ له في المجتمعِ “.
ويضيفُ :” المشارَكةُ الفاعلةُ في الفِرَقِ الشبابيةِ؛ تُتيحُ للشبابِ التعبيرَ عن أرائهم وأفكارِهم بحريةٍ تامةٍ في قضايا المجتمعِ، و تَمنحُهم روحَ الانتماءِ، والروحَ القياديةَ، وتَحمُّلَ المسؤولية ،واكتسابَ القدرةِ على حلِّ المشكلاتِ بأنفسِهم، واتخاذِ القراراتِ الحاسمةِ , فالمشارَكةُ الإيجابيةُ في الفِرَقِ تعملُ على مقاومةِ الروتينِ (الفراغ _الملل)، و على تقويةِ أواصرِ المجتمعِ، والحفاظِ على تماسُكِه، و تساهمُ في تنميةِ الحِسِّ الاجتماعيّ، وتحقيقِ مبدأِ التعاونِ من خلالِ العملِ ضِمنَ فريقٍ واحدٍ ” .
وتوضّحُ “جواهر حجّو”، بأنّ الفِرقَ الشبابيةَ والمجموعاتِ تُسمَّي عندَ الشبابِ “مَنفَذُ الأملِ” الذي سيُشرِقُ بعدَها نورٌ كبيرٌ لحياتِهم؛ فمِن خلالِها تَتَجلَّى قُدراتُهم ومواهبُهم التي من الصعبِ أنْ تحتَضِنَها مؤسَّسةٌ ما بسببِ الأوضاعِ في القطاعِ .
وتَنفي استنزافَ الفِرَقِ الشبابيةِ جهودَ الشبابِ؛ بل هي تُحفِزُهم وتجعلُهم مليئينَ بالطاقةِ والحيويةِ، ويُظهِرونَ اسمَهم مَثلاً (كفريقٍ مُثابرٍ) يَجمعُ الكثيرَ من المواهبِ لِجعْلِ البسمةِ لا تفارقُ وجوهَ الناسِ، و كذلك مَقهى “الثريا” الذي من خلالِه جعلَ قدْراتِ الشبابِ ظاهرةً للجميعِ؛ عندَ إطلاقِ الحملاتِ الإلكترونيةِ، والجولاتِ الميدانيةِ، وعرْضِ فيديوهاتٍ قصيرةٍ تُبيّنُ قدراتِ الشبابِ على الإقناعِ وتوصيلِ المعلومةِ بسهولةٍ؛ هذا جعلَ لأنفسِهم كياناً وحصانةً .
تَنوّعُ الخبراتِ
وتشارِكُها الشابّةُ ” إسراء أبو سِتة ” الرأيَّ؛ حيثُ توضّحُ بأنّ الوضعَ الاقتصاديَ الذي يعاني منه الشعبُ الفلسطينيُّ، وعدمَ توفيرِ فُرصِ عملٍ للشبابِ؛ أتاحَ الفرصةَ من خلالِ هذه الفِرقِ الشبابيةِ لتوفيرِ عملٍ جماعيٍّ للشبابِ، لاندماجِهم في المجتمعِ، وتطويرِ قدراتِهم ومهاراتِهم في تحمُّلِ المسؤوليةِ، وبناءِ مستقبلٍ خاصٍّ لهم، وبناءِ علاقاتٍ مع مؤسَّساتٍ وشخصياتٍ لها تأثيرٌ في المجتمعِ .
وتشيرُ ” إسلام الحُصري” إلى أنه لا يمكنُ الحُكمُ بشكلٍ مُطلَقٍ على الأشياءِ؛ فبعضُ الحالاتِ تنجحُ؛ وأخرى تبوءُ بالفشلِ؛ لذلك تبقَى هناك خصوصيةٌ لكُلِّ حالةٍ أو تجربةٍ في حالةِ النجاحِ، فقد كان هناك تَميُّزٌ ملموسُ في تنوِّعِ الخبراتِ، وتكامُلِ الجهودِ؛ ما أثرَى الفعالياتِ نشاطاً. وعلى النقيضِ حينما يحتوي فريقٌ على عنصرٍ خاملٍ أو عضوٍّ غيرِ مؤَهل؛ يُثقِلُ المجموعةَ، ويضعُ في طريقِها العقباتِ.. ، في النهايةِ على الفريقِ أنْ يختارَ جيداً أعضاءَه حتى ينالَ نجاحه .
ضياعُ حقِّهم
ويخالِفُهم الرأيَّ الشابُّ “أحمد العجلة” قائلاً :” تُشكِّلُ المجموعاتُ الشبابيةُ حَجَرَ الأساسِ في المجتمعِ الفلسطينيّ بشكلٍ خاصٍّ؛ لِتَعدُّدِ القضايا والمشاكلِ التي يعاني منها المجتمعُ يومياً، وتحتاجُ إلى أنْ يَتِمَّ التعاملُ معها “.
يضيفُ :” تنقسمُ الفِرقُ الشبابيةُ إلى نوعينِ: الأول هو الفِرقُ الشبابيةُ التابعةُ للمؤسساتِ؛ وهذا النوعُ من أسوَأِ أنواعِ الفِرقِ الشبابيةِ؛ بالرغمِ من وجودِ مُخرجاتٍ وإنجازاتٍ نوعاً ما , ما يترتبُ عليه من إهدارِ طاقاتِ الشبابِ، واستخدامِ الشبابِ كأدواتٍ لا يمتلكونَ قراراً ولا رأياً داخلَ هذه المؤسسةِ والغرفةِ , بالمقابلِ يتمُ إظهارُ صورةٍ للمجتمعِ المَحليّ والدوليّ؛ أنّ للشبابِ كلمةً ورأياً وقراراً , وكلُّ هذه الأمورِ تبقَى حبيسةَ المؤسساتِ، بينما الشبابُ المكافحُ الذي يبحثُ عن فرصةٍ لتطويرِ قدراتِه وبناءِ مستقبلِه ؛ في النهايةِ يَتِمُ ضياعُ فرصتِهم وحقوقِهم ووقتٍ كبيرٍ من أجلِ لا شيءَ؛ سِوى خدمةِ أهدافِ المؤسسةِ المختلفةِ “.
لافتاً أنّ النوعَ الثاني للفِرقِ الشبابيةِ هو الأكثرُ هشاشةً، وسرعانَ ما يذوبُ كزَوبعةٍ في فنجانٍ، وهي الفِرقُ ذاتُ التمويلِ الذاتيّ التي يتمُ تكوينُها من الشبابِ أنفسِهم , ويتمُ فيها تبادلُ الأفكارِ والخبراتِ، وطرحُها بينَ الشبابِ، والسعيُّ إلى تطبيقِها قدرَ المستطاعِ، ولكنْ على الرغمِ من أهميةِ الرسالةِ التي يُقدّمُها هذا النوعُ من الفِرقِ؛ لكنّ فترةَ حياتِه قصيرةٌ بسببِ تأثيرِ عدّةِ عواملَ عليها، منها العاملُ المادي .
ويوضّحُ: لا يوجدُ قوانينُ تُسَنُّ لِحمايةِ المتطوعينَ والشبابِ الفلسطيني, وعدمُ اتخاذِ المجلسِ الأعلى للشبابِ دَورَه ؛ ما جعلَ الشبابَ ضائعاً وسلعةً يتاجَرُ بها من قِبلِ الجميعِ دونَ رادعٍ أو قانونٍ يَحميهم.
أمّا بالنسبةِ للشابِّ ” همّام النزلي ” ؛ يشيرُ إلى أنّ الفِرقَ الشبابيةَ مَضيَعةٌ للوقتِ، وليس هناك فريقٌ شبابيٌّ له هدفٌ واضحٌ، وهناك العديدُ من الفِرقِ الشبابيةِ متماثلةٌ بنفسِ الفكرةِ، ومُقلِّدةٌ لِفِرقٍ أخرى؛ الهدفُ منها مكانٌ يَجمعُهم ويوفّرُ لهم الإنترنت، ويجلسونَ لساعاتٍ يتحدّثونَ في مواضيعَ مضيعةٌ للوقتِ لا فائدةَ منها، وتُسمّى في نهايةِ المطافِ “لقاءاتٌ شبابيةٌ فعالةٌ”!.