Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
غير مصنف

موادُ التنظيفِ المُصنَّعةُ منزلياً.. بينَ الإقبالِ والرفضِ

هل استخدامُها أمانٌ وصِحيٌّ؟  

موادُ التنظيفِ المُصنَّعةُ منزلياً.. بينَ الإقبالِ والرفضِ

تحقيق أحلام الصعيدي

جولةٌ صغيرةٌ في أكثرِ أسواقِ قطاع غزة انتشاراً وشعبية، كفيلةٌ لمعاينةِ ظروفِ بيعِ موادِ التنظيفِ، ومستحضراتِ التجميل، والشامبو، و”الكوزماتكس”؛ وكلُّها غيرُ مطابقةٍ للمعاييرِ الصحية! والتي تُصنعُ داخلَ المنازلِ؛ ويُروَّجُ لها على أنها مستورَدةٌ، أو أحدُ منتَجاتِ المصانعِ المشهورةِ والمُرَخّصةِ، وما هي إلا عبواتٌ مزيفةٌ؛ تحملُ طوابعَ لمنتَجاتٍ وشركاتٍ عالميةٍ؛ تمُّ تصميمُها وطبعُها في المطابعِ المحليةِ؛ لتجدَ طريقَها في الأسواقِ، أمّا المواطنُ المغلوبُ على أمرِه؛ فلم يتردّدْ لحظةً في اقتناءِ موادِ التنظيفِ رخيصةِ الثمنِ بنسبةٍ عاليةٍ؛ مقارَنةً بالمنتجاتِ المستورَدةِ.

ففي أحدِ الأسواقِ يقفُ الشاب “سعيد” متوسطاً بسطتَه؛ وينادي بصوتٍ عالٍ (سائل تنظيف لكل البيت، 4)) عبوات بـ (8) شيكل، الصابون الهاواي الأصلي؛ القطعة بشيكل بدلَ (2) شيكل ونصف، والشامبو الكييف، والشيفع الإسرائيلي عنا العبوتين بـ (10) شيكل بدلاً من العبوة (14) شيكل) .

وما أنْ يستمرَّ “أحمد” بهذه الطريقةِ للترويجِ لتلك البضائعِ، وغيرِها التي يبيعُها على بسطتِه؛ حتى يتهافت عليه المواطنون، ويلتفونَ حولَ بسطتِه لشراءِ الموادِ التي يبيعُها، والتي تُعَدٌ فرصةً بالنسبةِ لهم؛ لعدمِ توفُّرِ مِثلِها داخلَ محلاتِ السوبر ماركت، ومحلاتِ موادِ التنظيفِ، ووكلاءِ المنتجاتِ المحليةِ التابعةِ لشركاتٍ مرخَّصةٍ، أو تلك المستورَدة، والتي يرتفعُ ثمنُها مقارنةً بالموادِ التي يبيعُها “أحمد” وغيرُه من أصحابِ بسطاتِ ومحلاتِ موادِ التنظيفِ، ومستحضراتِ التجميلِ رخيصةِ الثمنِ، أو كما يُعرَفُ “شعبيةُ” الصُّنعِ.

“السعادة” كانت حاضرةً في هذا المشهد؛ واقتربتْ من البسطةِ؛ وأخذتْ عبواتٍ عشوائيةً لِما يَعرضُه “أحمد”، فالسائلُ الأصفرُ هو عبارة عن عبواتِ عصيرٍ فارغةٍ؛ استُبدلَ مكانَها هذا السائلُ، أمّا عبواتُ الشامبو، والبلسم، ومزيلُ دهونِ الطعام؛ فهي عبارةٌ عن عبواتٍ تَحملُ ملصقاتٍ مزيفةً لمنتجاتٍ مستوردةٍ؛ لكنها لا يوجدُ عليها مكوّناتُ تلكَ الموادِ، أو اسمُ وعنوانُ مَصدرِ ومصنعِ هذه الموادِ، وهذا ما يزيدُ الطينَ بِلَّةً؛ أنّ مصدرَ ومكوناتِ تلكَ الموادِ غيرُ معلومٍ، وهو ما يفاقمُ من مخاطرِ تلكَ الموادِ؛ التي تتسببُ بالإصابةِ بالأمراضِ الجِلديةِ؛ وصولاً إلى الإصابةِ بالسرطانِ في أسوأِ ضررٍ لها.

وفي مقارَنةٍ سريعةٍ أجراها مُعِدُّ التحقيقِ لعيناتٍ من تلك الموادِ التي أخذناها منها، والموادِ المصنّعةِ داخلَ مصانعَ مرخصةٍ ومستوردةٍ، تبيّنَ أنّ سائلَ الجَليّ يتراوحُ سِعرُه من ( “4 شواكلَ إلى (14) شيكلاً؛  بحجمِ لترٍ واحد، أمّا السائلُ المُصنّعُ منزلياً؛ فإنّ العبوةَ بحجمِ (2) لتر؛ لا تزيدُ عن 3) )شواكلَ!، ومنظّفُ الأرضياتِ الذي يباعُ في محلاتِ السوبر ماركت، ومعلومُ المصدرِ والمصنعِ؛ يتراوحُ سِعرُه ما بين (8 _ (10 شواكل، أمّا شبيهُه المُقلَّدُ فإنه لا يزيدُ عن (4) شواكل!،  والشامبو بماركاتٍ معروفةٍ؛ فإنّ العبواتِ من (700 إلى 1000) جرامٍ تتراوحُ من ( 10 إلى 14) شيكلاً، فيما يبلغُ ثمنُ المزيّفِ منها (( 5 شواكلَ للّترِ الواحدِ.

لم تكنْ تَعلمُ السيدة (أم رأفت) بأنّ محاولتَها التخفيفَ من الأعباءِ الاقتصاديةِ باستخدامِها موادَ تنظيفٍ مَحليةِ الصنعِ؛ ستؤدّي إلى إصابتِها بأمراضٍ جِلديةٍ؛ ربما تبقَى معها إلى الأبدِ، (فأم رأفت) التي تسكنُ مخيمَ الشاطئ؛ اعتادت شراءَ موادِ تنظيفٍ من الباعةِ المتجولينَ، وبتكرارِ استخدامِها بدأتْ تظهرُ على يدَيها وبينَ أصابعِها التهاباتٌ بيضاءُ، وحين لجأتْ للطبيبِ؛ نصحَها دائماً-حسبَ قولِها_ بعدمِ استخدامِ المنظِّفاتِ بكثرة؛ إلّا أنها لا تستطيعُ!  فهي ربّةُ عائلةٍ؛ وبحاجةٍ لأنْ تقومَ بدورِها  كغيرِها من الأمهاتِ، كما تقولُ.

حالةُ السيدة (أم رأفت) عُرضتْ على أخصائي الأمراضِ الجلديةِ د. “أسامة الترك”، والذي بدَورِه أكّدَ أنّ السيدةَ مصابةٌ بفطرياتٍ، وقد تكونُ تحسّستْ من استخدامِ بعضِ الموادِ الكيميائيةِ؛ التي يتمُّ استخدامُها في تجهيزِ موادِ التجميل.

أما الفتاة (نسرين) فقد بدأتْ معاناتُها مع شَعرِها؛ بعدَ مرورِ أكثرَ من عامينِ على زواجِها؛ حين لاحظتْ _أثناءَ الاستحمامِ وتمشيطِ شعرِها_ أنّ الشعرَ يتساقطُ بكميةٍ لافتةٍ؛ فراجعتْ طبيباً مختصاً؛ فأخبرَها بأنّ سببَ معاناتِها متعلقٌ بنوعِ الشامبو وبلسمِ الشعرِ الذي تستخدمُه، وعلى الفورِ توقفتْ عن استخدامِهما؛ لتبدأَ فترةَ علاجٍ مُدّتُها (6) شهورٍ بينَ الغذاءِ الجيدِ، والشامبو الخاصِّ، والأدويةِ المنشطةِ لخلايا جلدةِ الرأس.

من جانبِه يؤكدُ خبيرُ التجميلِ (حسام الأنقر) الذي يعملُ في هذه المهنةِ منذُ (28) عاماً؛ أنّ مشاكلَ كثيرةً بدأتْ تنتشرُ بين النساءِ اللواتي يستعملنَ أنواعاً رخيصةً من الشامبو والصابونِ المنتشرِ في غزة.

ويقولُ الأنقر لـ”السعادة”، :” إنّ الكثيرَ من مصانعِ الصابونِ، وموادِ ومستحضراتِ التجميلِ يقلّدونَ ويزيفونَ ماركاتٍ عالميةَ؛ ويبيعونَها للمواطنين على هذا الأساسِ؛ ما يؤدّي إلى نشوءِ مشاكلَ كثيرةٍ في الشعر، وقد بدأتُ ألاحظُ هذه المشاكلَ منذُ خمسِ سنواتٍ، لافتاً إلى أنّ نحوَ (80 % ) من المواطنينَ يَشكونَ من تساقطِ الشعرَ؛ بسببِ استخدامِ شامبوهاتٍ منخفضةِ السعرِ.

وينوّهُ إلى أنّ استخدامَ الشامبو المغشوشِ “المضروب”؛ يؤدّي إلى جفافِ جلدةِ الرأسِ والشعرِ؛ ما يَصعبُ تسريحُ الشعرِ؛ ويتسببُ في تساقطِه، مُحذّراً المواطنينَ من شراءِ الشامبو الرخيصِ؛ حتى لا يعانوا من مشاكلَ في الشعرِ مستقبلاً.

فيما كانت السيدة (وفاء غزال) من المستخدِمينَ لموادِ التنظيفِ المصنّعةِ محلياً منذُ عشرِ سنواتٍ؛ ولم تشتَكِ من أيِّ أمراضٍ جلديةٍ؛ وهي أرخصُ من الماركاِت الأخرى فتقول:” أستخدمُ سائلَ الجليّ، والكلور، ومنظفَ الدهونِ والأرضياتِ؛ فهي تعطي نظافةً ولمعاناً، ولكني أُقبِلُ على شرائها من محلٍّ معروفٍ؛ وعليه إقبالٌ كبيرٌ من الناسِ، وبعدَ فترةٍ قُمتُ بالشراءِ من محلٍّ آخَرَ؛ لكنّ منتجاتِه لم تَلقَ إعجابي؛ فهي عديمةُ الرائحةِ، ولا تعطي نتيجةَ النظافةِ التي كنتُ أحصُلُ عليها؛ لذلك فأنا أعتمدُ المحلَّ الخاصَّ بي .

وبحسبِ (غزال) إنها لا تُقبلُ على شراءِ الشامبو، وصابونِ الجسم واليدينِ من تلك الأماكنِ؛ فهي تخشَى من أضرارِها على الشعرِ والجسمِ.

وتُشاركُها في الرأي الخمسينية (أم بلال الهنا) التي أشادتْ باستخدامِ موادِ التنظيفِ؛ فهي تستخدمُها في الجليِ، والغسيلِ، والتنظيفِ، وتعطيرِ البيتِ منذُ سنواتٍ؛ هي وبناتُها وكِنّاتُها، وجاراتُها، ولم يشتكينَ من أيّ أعراضٍ تُذكَرُ؛ بل كانت توفّرُ لهنَّ المالَ بعدَ أنْ كانت تشتري موادَ تنظيفٍ ذاتَ ماركاتٍ غاليةِ الثمنِ .

موادٌ مصنَّعةٌ منزلياً :

ويشيرُ المواطنُ (ر. ل) إلى وجودِ ما يتراوحُ بين (40 _ 50) مصنعاً محلياً في المنطقةِ نفسِها، لافتاً إلى أنه توَقّفَ عن التصنيعِ بعدَ جَلْبِ المنتجاتِ الصينيةِ ذاتِ الأسعارِ البسيطةِ إلى القطاع.

ويقولُ وهو يجلسُ في دكانٍ متواضعٍ؛ مليءٍ بموادِ التنظيفِ أنه عملَ في التصنيعِ سنواتٍ طويلةً؛ قبلَ أنْ يتوقفَ عن ذلك، مؤكداً أنه اشترى المصنعَ من الداخلِ المحتل؛  مع طريقةِ التصنيعِ؛ كشرطٍ لعمليةِ الشراءِ؛ حيثُ يتمُ تركيبُ هذه الموادِ من موادٍ كيميائيةٍ بنِسَبٍ محدَّدةٍ.

وكان (ر. ل) يصنعُ داخلَ منزلِه عدّةَ موادٍ للتنظيفِ؛ مِثلَ الشامبو، وصابون “الجلي” والبلاط، ومسحوقِ الغسيلِ، وماءِ النارِ، ومُزيلِ الصدأ والحِبرِ، وأكّدَ أنّ منتجاتِه لم تكنْ تخضعُ للفحوصِ المطلوبةِ، قائلاً: إنّ العملَ يقومُ على الفوضى والعشوائيةِ! ولم يكنْ أحدٌ يتابعُ ما يجري من تصنيعٍ لهذه الموادِ! والتي غالباً ما تباعُ داخلَ الأسواقِ الشعبيةِ؛ بواسطةِ صاحبِ المصنعِ نفسِه.

أرباحٌ خياليةٌ :

ووِفقاً لـ (ر. ل) فإنّ العملَ في هذه الحرفةِ يُدِرُّ أرباحاً كبيرةً على أصحابِها؛ لانخفاضِ قيمةِ التكلفةِ، ويقولُ إنّ إنتاجَ (20) لتراً من الشامبو؛ لا يكلّفُ المصنعَ سِوى (10) شواكلَ!؛ وهي قيمةُ مادةِ “الايتا” المستخدمةِ في التصنيعِ، إلى جانبِ كلفةِ الماءِ، والملحِ، والعطورِ، التي تضافُ لها؛ ليباعَ اللترُ الواحدُ من الشامبو بخمسةِ شواكلَ.

ويعترفُ بأنّ استخدامَ الملحِ في الشامبو؛ يأتي كبديلٍ لموادٍ كيميائيةٍ معروفةٍ؛ تعملُ على تجميدِ الشامبو بدَلاً من أنْ يكونَ سائلاً كالماءِ، منوّهاً إلى أنّ الملحَ يؤدي مع الاستخدامِ المتكرّرِ إلى تَقُصُّفِ الشعرِ وتساقُطِه، مضيفاً:” إذا أخطأ المصنعُ واستخدمَ الصودا مثلاً؛ فسيؤدي ذلك إلى حرقِ الشعرِ؛ وكأنه تعرّضَ للنارِ، موضحاً أنّ الكثيرَ من المشاكلِ وقعتْ لمُنتجي وبائعي الشامبو، أو الصابونِ المغشوشِ.

ويؤكّدُ: أنَّ  قلّةَ الرقابةِ إلى مستوى يعادلُ الصفرَ على المصانعِ المحليةِ لموادِ التنظيفِ؛ جعلَ أصحابَها يتمادونَ في الغشِّ؛ لافتاً إلى أنّ الذي يتمُّ ضبطُه تُفرَضُ عليه غرامةٌ ماليةٌ بسيطةُ؛ “نحوَ ( 200) شيكل” مع كتابةِ تعهُد بالامتناعِ عن العملِ، غيرَ أنه سرعانَ ما يعودُ إلى ممارسةِ عملِه كالمعتادِ.

لم يجدْ “محمد” بديلاً عن صنعِ موادِ التنظيفِ؛ كوسيلةٍ لكسبِ عيشِه؛ في وقتٍ عمَّ الغلاءُ قطاعَ غزة. ومع ذلك لم يكنْ مهتماً كثيراً بأنْ يكونَ صاحبَ مصنعٍ كبيرٍ؛ فكُلُّ ما يملِكُه مخزنٌ كبيرٌ جداً؛  يضعُ بداخلِه أكواماً حسِبتُها في البدايةِ “نُفاياتٍ”!.

كل موادِ التنظيفِ مُلقاةٌ على الأرضِ! لا نظافةَ ولا ترتيبَ ولا اهتمامَ!؛ حيثُ يضعُ أربعةَ براميلَ: إحداها يحتوي على مزيلِ الدهونِ، والثاني على الشامبو، وهناك سائلُ الجلي، وكلُّها من صناعتِه اليدويةِ.

أمامَ مصنعِه تتناثرُ أكياسُ خيشٍ قذرةٍ مملوءةٍ بزجاجاتِ المشروباتِ الغازيةِ الفارغةِ! وبالرغمِ من كلِّ ذلك؛ فهو يوزّعُ للمحلاتِ في الأسواقِ، ويشتري منه جيرانُه.

“محمد” يصنعُ منذُ سبعِ سنواتٍ، الشامبو، ومزيلَ الدهونِ، وسائلَ الجلي والمسحِ؛ ويقومُ بتعبئةِ مادةِ الكلوريكس “المعروفة بالكلور”، ومياهِ النارِ؛ بعدَ أنْ يخفّفَ تركيزَهما، ويعملُ كما والدُه في سابقِ عهدِه؛ فقد حفظَ والدُه كيفيةَ صناعةِ موادِ التنظيفِ، ونقلَ خبراتِه لابنِه؛ فأتقنَها وبدأ العملَ بها بطريقتِه الخاصةِ في مصنعٍ صغيرٍ؛ لا تستطيعُ تمييزَه لعدمِ وجودِ أيِّ لافتةٍ تدلُّ عليه.

يعبئُ “محمد” أغلبَ موادِه في زجاجاتٍ غيرِ متشابهةٍ، ويستعينُ بما يفيضُ عن حاجةِ شركاتِ تعبئةِ المشروباتِ الغازيةِ؛ ليضعَ سائلَ الجليِّ بداخلِها. “لأحمد” أيضاً منتَجٌ خاصٌّ يقومُ بترويجِه؛ فيشتري عبواتٍ بلاستيكيةَ؛ ويضعُ عليها بطاقةَ بيانٍ؛ تحملُ مواصفاتِ ونوعَ منتَجِه،  واسمَه الذي ميّزناهُ بحرف “ر” .

العيناتُ غيرُ متطابقة! :

قِسمُ البحثِ العلمي، وخدمةِ المجتمعِ في كليةِ العلومِ والتكنولوجيا في خان يونس؛ كان قد أجرَى قبلَ عامينِ فحصاً لعيّنةٍ من الشامبو؛ الذي يصنعُه “محمد” وغيرُه من المصانعِ المنزليةِ_ إنْ صحَّ تسميتُها بهذا الاسمِ_؛ وقد سقطتْ في اختبارَينِ، فدرجةُ الحموضةِ  كان معدَّلُها (4.97)  والطبيعي أنْ تكونَ بمعدّلِ (5.5) إلى

(   8.5)،  بينما نسبةُ كلوريد الصوديوم، أو ما يعرفُ بملحِ الطعامِ كانت (5%) و من المفترضِ أنْ يكونَ أقصى حدٍّ لها (2 %). ونجحتْ في اختبارٍ واحدٍ فقط؛ وهو اختبارُ المادةِ الفعالةِ.

رئيسُ قسمِ البحثِ العلمي وخدمةِ المجتمعِ في كليةِ العلومِ والتكنولوجيا بخانيونس (محمد عسقلاني) أكّدَ أنّ درجةَ الحموضةِ في عيّنةِ الشامبو التي فحصتْ منخفضة جداً !.

ويقولُ عسقلاني:” يجبُ ألّا يقِلَّ معدّلُ درجةِ الحموضةِ عن (5.5) ، وهنا تمثلتْ ب (4.7)؛ وهو أمرٌ له تأثيرٌ سلبي على الشعرِ؛ كما أنه سيكونُ بيئةً نشطةً لنموِّ البكتيريا، وسيكونُ عرضة للتلوثِ البكتيري، وفيما يتعلقُ بكلوريد الصوديوم؛ فهو مرتفعٌ جداً في الشامبو،  فبالإضافةِ إلى أنّ مياهَ غزة مالحةٌ؛ سيعملُ الملحُ الزائدُ بالعيّنةِ على تلَفِ الشعرِ، وتكرارُ استخدامِه سيؤثرُ على نضارةِ وطبيعةِ ونموِّ الشعرِ”.

مكوناتٌ خطيرةٌ !

في مصنعٍ آخَرَ مُجاورٍ للمكانِ؛ حاولَ صاحبُ المصنعِ (د.ا) إنكارَ أنه يعملُ في تصنيعِ موادِ التنظيفِ!، لكنه بعد الاطمئنانِ إلى أننا لسنا جهةً رقابيةً؛ أسهبَ في الحديثِ، خاصةً حولَ تراجُعِ حركةِ العملِ في المصنعِ الذي كان يُشغّلُ نحوَ ثمانيةِ عمالٍ.

ويفتخرُ (د.أ) بقدرتِه على تصنيعِ صابونٍ فاخرٍ؛ يفوقُ في جودتِه الماركاتِ العالميةَ، منوّهاً إلى أنّ منتجاتِه تشهدُ إقبالاً كبيراً من الناسِ؛ خاصةً أصحابَ الدخلِ المحدودِ؛ الذين يُقبلونَ على شراءِ الصابونِ المُصنّعِ مَحلياً.

ويتمُ تصنيعُ الصابونِ من خلالِ إضافةِ مقاديرَ معيّنةٍ من موادِ (الصودا، والشمعِ، والنشا، والعطور، ومادة لبص؛ وهي مادةٌ كيميائيةٌ يجهلُ المُصنّعُ اسمَها العِلمي).

ويلاحَظُ لدَى دخولِ المصنعِ الذي تُعبّأُ فيه البضاعةُ؛ انتشارُ أنواعٍ مختلفةٍ من الصابونِ، ومسحوقِ الغسيلِ، وأكياسِ النايلون، والعبواتِ الفارغةِ، ولدَى الاستفسارِ عن سببِ وجودِ أكياسِ النايلون الفارغةِ؛ التي تَحملُ شعارَ شركةٍ أخرى؛ أقرَّ صاحبُ المصنعِ بقيامِه بتعبئةِ أكياسِ النايلون بمسحوقِ الغسيلِ؛ وبيعِها في الأسواقِ، لافتاً إلى أنه يقومُ بطباعةِ الأكياسِ في مطابعَ خاصةٍ في غزة.

كما يلاحَظُ مع مزيدٍ من التوَغُلِ في المصنعِ؛ وجودُ نوعٍ من الصابونِ يُشبِهُ إلى حدٍّ كبيرٍ ماركةَ “هاواي” العالمية! رغمَ أنّ المزوِّرينَ استخدموا اسماً جديداً كُتبَ باللغةِ العبريةِ بشكلٍ يُشبِهُ كلمةَ “هاواي” بالعبريةِ.

مافيا التزييفِ !

في دكانٍ وسطَ سوقِ “فراس” الشعبيةِ؛ في قلبِ مدينةِ غزةَ؛ جلسَ “منير أبو مرعي” صاحبُ شركةِ “المُنير”؛ وكيلةِ شركةِ “نيكي شيفع” المستورِدةِ، ومنتجاتُها المتخصصةُ بموادِ التنظيفِ، ومستحضراتِ التجميلِ، وأخذَ يشكو من الخسائرِ الهائلةِ التي لحقتْ به جرّاءَ انتشارِ البضائعِ المقلّدةِ والمزيفةِ؛ إلى جانبِ انتشارِ مصانعِ الصابونِ المحليةِ غيرِ المطابقةِ للمواصفاتِ المطلوبةِ.

ولا يستطيعُ “أبو مرعي” حصْرَ الأضرارِ التي تلحقُ به كوكيلٍ رسميٍّ للشركةِ؛ لأنه لا يعرفُ حجمَ ما يباعُ من مستحضراتٍ مزيّفةٍ! مؤكّداً أنه يدفعُ بدَلَ توكيلٍ وضرائبَ مختلفةٍ؛ في حين لا يدفعُ المزيّفونَ أيَّ شيءٍ؛ بل ويُزاحِمونَه في الأسواقِ؛ ما يؤدّي إلى كسادِ التجارةِ وتوَقُفِها.

ويحتفظُ “أبو مرعي” على طاولةٍ أمامَه بأنواعٍ من مستحضراتِ التجميلِ التي تمَّ تقليدُها، بدأ يعرِضُها؛ ويشرحُ طبيعةَ كلٍّ منها، وتشملُ “جِلَّ” الشعرِ، والصابونَ، ومستحضراتِ الوقايةِ من الشمسِ للأطفالِ.

ويقولُ أبو مرعي:” إنّ المزيّفينَ ذهبوا إلى الصينِ؛ وزيفوا أدويةَ وقايةِ الشمسِ للأطفالِ؛ وحاولوا بيعَها في قطاعِ غزة على هذا الأساسِ؛ وحينَ عرفْنا التاجرَ أبلغْنا عنه وزارةَ التموينِ لكنه أنكَرَ”!.

ويشيرُ إلى بطءِ إجراءاتِ ملاحقةِ المصانعِ التي تزيّفُ وتقلّدُ الماركاتِ العالميةَ ذاتَ الجودةِ المعروفةِ، ويتّهِمُ أصحابَ المطابعِ بالمساعدةِ في عمليةِ التزييفِ؛ من خلالِ طباعةِ العلاماتِ التجاريةِ وتقليدِها؛ رغمَ معرفتِهم بأنّ ما يقومونَ به أمرٌ مخالفٌ للقانونِ، لافتاً إلى أنه تمَّ تقديمُ شكوى على صاحبِ مطبعةٍ ساعدَ في تزييفِ وتقليدِ بضاعتِه؛ فتمَّ إجبارُه على توقيعِ التعهُدِ، لكنه مِثلَ غيرِه عاد للعملِ نفسِه!.

إتلافُ موادٍ فاسدةٍ ومزيّفةٍ :

في مكتبِ مباحثِ التموينِ التابعِ لوزارةِ الداخليةِ؛ يضبطُ العاملونَ عشراتِ الحالاتِ المختلفةِ، وحرَّروا ضدَّ تلكَ الحالاتِ مَحاضرَ مخالفةٍ خلالَ عملِهم، وتشملُ مستحضراتِ التجميلِ، والصابونَ، والشامبو المُصنّعةَ منزلياً.

ويقولُ مديرُ مباحثِ التموينِ والمعادنِ الثمينةِ؛ المقدَّمُ محمد المعصوابي:” إنه تمَّ ضبطُ كثيرٍ من المصانعِ المخالفةِ، وتمَّ إحالةُ أصحابِها إلى القضاءِ؛ لأنهم يتسبّبونَ بمشاكلَ صحيةٍ كثيرةٍ للمواطنينَ؛ خاصةً في الرأسِ والجِلدِ.

ويضيفُ:” إنّ ماركاتٍ عالميةً مشهورةً يتمُ تقليدُها في غزة؛ إلى جانبِ قيامِ بعضِ أصحابِ المصانعِ بجَمعِ العبواتِ الفارغةِ لهذه الماركاتِ؛ وإعادةِ تعبئتِها وبيعِها في الأسواقِ الشعبيةِ بأسعارٍ منخفضةٍ؛ ما يشجّعُ المواطنُ على شرائها.

ويشيرُ إلى أنماطٍ مختلفةٍ من الغِشِّ في مجالِ موادِ ومستحضراتِ التجميلِ؛ التي تَتِمُ من خلالِ جلبِ الموادِ التي شارفتْ مدّةُ صلاحيتِها على الانتهاءِ، وبيعِها في السوقِ بعدَ تهريبِها عبرَ الأنفاقِ.

ويقولُ مديرُ مباحثِ التموينِ والمعادنِ الثمينةِ:” إنّ الطواقمَ الفنيةَ أتلفتْ كثيرًا من موادِ التنظيفِ المزيّفةِ، وغيرِ الصالحةِ؛ حيثُ كان يستخدمُ مُركّباتٌ كيميائيةٌ دونَ وجودِ معاييرَ لذلكَ؛ في صناعةِ موادِ التنظيفِ ومنها: سائلُ الجليّ، ومُزيلُ الدهونِ”.

ويوضّحُ أنّ هناك تعاونًا مستمرًا مع وزارةِ الاقتصادِ، ما يساعدُ في الكشفِ عن أصحابِ المصانعِ الذين يستخدمونَ الموادَ الخطيرةَ، مُضيفًا: “أثناءَ جولاتِنا الميدانيةِ نفتّشُ على محلاتِ بيعِ المنظّفاتِ داخلَ مدينةِ غزة؛ للتأكُدِ من سلامةِ المنتَجاتِ المصنوعةِ”.

وعن الإجراءاتِ المتّبعةِ، يشيرُ المقدّمُ “المعصوابي” إلى أنهم يُحذّرونَ أصحابَ المصانعِ من استخدامِ هذه الموادِ، وفي حالِ لم يلتزموا بالقرارِ؛ يجري فرضُ غراماتٍ ماليةٍ عليهم؛ تحدِّدُها النيابةُ العامةُ وِفقَ القانونِ الفلسطيني.

وفيما يتعلقُ بالمخالفاتِ والعقوباتِ المتَّخذةِ ضدّ أصحابِ المصانعِ المخالِفةِ، يقولُ المقدَّمُ المعصوابي:” نحوّلُ كافةَ القضايا إلى النيابةِ العامةِ، ونوصي بإنزالِ أشدِّ أنواعِ العقوبةِ بهم؛ لكنها تَفرضُ عليهم مبالغَ ماليةً بسيطةً؛ يدفعُها المخالفُ بسرعةٍ؛ ويعودُ ثانيةً إلى ممارسةِ العملِ نفسِه! وأكّدَ أنّ مباحثَ التموينِ طلبتْ عقْدَ جلسةٍ مع النائبِ العام؛ لحلِّ هذه القضايا وردْعِ المخالِفينَ.

ويكشفُ المقدَّمُ “المعصوابي”؛ مديرُ مباحثِ التموينِ والمعادنِ الثمينةِ النقابَ عن ورودِ شكاوَى من المستشفياتِ إلى وزارةِ الداخليةِ؛ حولَ الأضرارِ التي تصيبُ المواطنينَ بسبَبِ استخدامِ (الشامبو، والصابونِ) المقلَّدِ المنتشرِ في قطاعِ غزة، مضيفاً:” هذه جريمةٌ يعاقبُ عليها القانونُ، وعلى الجميعِ الامتناعُ عن المشاركةِ فيها؛ لأنها تضرُّ بصحةِ المواطنينَ، متعَهِداً بملاحقةِ كلِّ من تَثبتُ إدانتُهم.

مخاطرُ صحيةٌ:

“السعادة” توجّهتْ إلى مديرِ دائرةِ المستهلِكِ في وزارةِ الاقتصادِ بغزة، المهندسِ “رائد الجزار”؛ للاستفسارِ عن آليةِ متابعةِ محلاتِ بيعِ موادِ التنظيفِ، والمعاييرِ التي تضعُها الوزارةُ لاستخدامِ هذه الموادِ؛ حيثُ بيّنَ أنّ المَعاملَ المنزليةَ التي تصنعُ موادَ التنظيفِ بأنواعِها في غزة؛ تشكّلُ خطورةً على المواطنينَ؛ لأنّ صناعتَها لا تتمُ وِفقَ مواصفاتِ وزارةِ الاقتصادِ”.

ويشيرُ إلى أنّ عملَهم مقتصِرٌ على مراقبةِ محلاتِ بيعِ موادِ التنظيفِ في الأسواقِ والشوارعِ، وأنّ متابعةَ المصانعِ من اختصاصِ الإدارةِ العامةِ للصناعةِ في وزارةِ الاقتصادِ، مبيّناً أنّ إجراءاتِ متابعةِ محلاتِ موادِ التنظيفِ في الأسواقِ؛ تكونُ من بعدِ وصولِهم شكوَى مكتوبةً من المواطنينَ؛ بأنّ هناك محلاتٍ تُقدِمُ على تزويرِ منتجاتِ العلاماتِ التجاريةِ المستورَدةِ.

ويلفِتُ إلى أنّ الطواقمَ الفنيةَ في الوزارةِ أتلَفتْ كثيرًا من موادِ التنظيفِ التي تَحملُ علاماتٍ تجاريةً مستورَدةً، وهي مصنّعةٌ محلياً في غزة! وأكّدَ أنّ هناك مصانعَ لموادِ التنظيفِ تعملُ في المنازلِ، وغيرُ ظاهرةٍ للعيانِ، ولا تملكُ الوزارةُ عناوينَ لهم أو أعدادَهم.

ويقولُ مديرُ دائرةِ المستهلكِ في وزارةِ الاقتصادِ: “إنّ المصانعَ التي تعملُ في المنازلِ، وتنتجُ موادَ تنظيفٍ غيرَ قانونيةٍ؛ تشكّلُ خطورةً على حياةِ المواطنينَ، وتسبّبُ لهم أمراضاً عديدةً”.

أمّا عن الموادِ الخامِ المستورَدةِ؛ يوضّحُ أنّ الطواقمَ الفنيةَ للوزارةِ؛ تعملُ على فحصِ الموادِ التي تَدخلُ عبرَ المعابرِ؛ قبلَ أنْ تَدخلَ إلى الأسواقِ للتأكُدِ من سلامتِها ومواصفاتِها.

ويطالبُ المهندسُ “الجزار” المواطنينَ بإبلاغِ الوزارةِ عن المعاملِ المنزليةِ، قائلاً:” نحن سنبذلُ جهودَنا بالتعاونِ مع مباحثِ التموينِ؛ للوقوفِ عندَ هذه الظاهرةِ، وملاحقةِ المصانعِ”، مُضيفاً أنّ هناك معيقاتٍ تواجِهُ طواقمَ الوزارةِ؛ تتمثلُ في منعِ دخولِ بعضِ الموادِ الخامِ لغزة؛ وهذا يُصعّبُ علينا مراقبةَ المصانعِ، إضافةً إلى انقطاعِ التيارِ الكهربائي؛ ما يضطّرُ بعضُ المصانعِ إلى العملِ في أوقاتِ الليلِ، ويصعبُ علينا الوصولُ لهم.

لا نملك عناوين المصانع

“السعادة” التقتْ مديرَ عام الصناعةِ في وزارةِ الاقتصادِ “عبد الناصر عواد”، حيثُ يقولُ:” إنّ (25) مصنعًا لتصنيعِ موادِ التنظيفِ مُرخَصٌ لدَى وزارةِ الاقتصادِ فقط، في حين أنها تفتقدُ إلى معلوماتٍ وأرقامٍ حولَ معاملِ ومصانعِ موادِ التنظيفِ المنزليةِ في غزة”.

ويشيرُ إلى أنّ الطواقمَ الفنيةَ تعملُ على مراقبةِ المصانعِ المرخَصةِ؛ من خلالِ فحصِ الموادِ في المختبراتِ بشكلٍ مستمرٍ، مؤكّداً وجودَ العشراتِ من المعاملِ لتصنيعِ موادِ التنظيفِ في منازلِ المواطنينَ، مضيفاً:” إنّ عدداً منها يغشُّ بعضَ المنتَجاتِ بعلاماتٍ تجاريةٍ مستورَدة”.

ويؤكّدُ مديرُ عامِ الصناعةِ في وزارةِ الاقتصادِ، وجودَ مخالفاتٍ وتجاوزاتٍ في صناعةِ موادِ التنظيفِ؛ في مَعاملَ داخلَ المنازلِ عبرَ استخدامِ موادٍ كيميائيةٍ غيرِ معروفةٍ! إضافةً إلى وجودِ مصانعَ ومعاملَ منزليةٍ تمارِسُ “الغشَّ” من أجلِ إنتاجِ كمياتٍ أكبرَ بتكاليفَ أقلَّ! .

كثيرٌ من القصصِ يمكنُ سماعُها بينَ المواطنينَ، أو في مباحثِ التموينِ، أو داخلَ الأسواقِ حولَ أضرارِ تلكَ الموادِ، لكنّ أصحابَ المصانعِ المنزليةِ، و”مافيا” التقليدِ والتزويرِ؛ ما زالوا يضُخُّونَ آلافَ العبواتِ، والأدويةِ، والمستحضراتِ المقلَّدةِ في السوقِ بشكلٍ منظَّمٍ وغيرِ منظّم، ولا يستطيعُ أحدٌ حتى الآنَ حصْرَ الأضرارِ التي أصابتْ وتصيبُ المواطنينَ؛ لأنّ الجريمةَ مستمرّةٌ، والفاعلَ حرٌّ طليقٌ؛ يتنقلُ بينَنا مستغِلاً حالةَ الفقرِ التي يعاني منها عددٌ كبيرٌ من المواطنينَ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى