وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ

بقلم الكاتب : محمد شفيق السرحي
اقتضت سنة الله تبارك وتعالى، أن يجعل لكل أمة شعائر ومعالم يتميزون بها عن غيرهم من الأمم والديانات السابقة، “لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ،” ” الحج:67″ وقد تميزت أمة الاسلام بعديد الشعائر، بل جعل المولى تبارك وتعالى التزامها من صميم الإيمان والتقوى” ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج: 32)
وقد جعل المولى جل جلاله، تقديم البدن، وذبحها طاعة لله عزوجل، من شعائر ومناسك الإسلام، ” وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)” الحج:36 ).
“والبدن جمع بدنة وهي الإبل جعلها الله تعالى من شعائر دينه يتقرب بها المسلم إلى ربه بنحرها والأكل منها وتوزيعها ولهذا أمر الله تعالى أن نذكر اسم الله عليها وذلك عند نحرها تنحر صواف أي على ثلاث قوائم لأن السنة في الإبل أن تنحر وهي قائمة معقولة اليد اليمنى فيأتيها الناحر من الجانب الأيمن ويطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر ثم تسقط بعد ذلك ولهذا قال (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا) أي سقطت على الأرض (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) القانع الفقير الذي لا يسأل, والمعتر الفقير الذي يسأل (كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)” ” ابن عثيمين , نور على الدرب , 5/2 “
يدخل البقر وغيرها في معنى ” البدن ” , كما ورد في تفسير ” ابن كثير ” قُلْتُ: أَمَّا إِطْلَاقُ البَدَنة عَلَى الْبَعِيرِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِطْلَاقِ الْبَدَنَةِ عَلَى الْبَقَرَةِ، عَلَى قَوْلَيْنِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا ذَلِكَ شَرْعًا؛ كَمَا صَحَّ فِي الْحَدِيثِ , ثم جمهور العلماء على أنه تجزئ البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة ، كما ورد، من رواية جابر وغيره ، قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الأضاحي ، البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة.) .
ولعظم الأضحية يوم النحر، ورد: “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أمر بكبشٍ أقرنَ، يطأُ في سوادٍ، ويبركُ في سوادٍ، وينظرُ في سوادٍ. فأُتِيَ به. فقال لها (يا عائشةُ! هَلُمِّي المُدْيَةَ). ثم قال: (اشحَذِيها بحجرٍ) ففعلت. ثم أخذها، وأخذ الكبشَ فأضجَعَه. ثم ذبحَه. ثم قال (باسمِ اللهِ. اللهم! تقبل من محمدٍ وآلِ محمدٍ. ومن أُمَّةِ محمدٍ) ثم ضحَّى به”. الراوي: عائشة أم المؤمنين | المصدر: صحيح مسلم، الرقم 1967 |
وفي آداب الذبح وطريقته يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثِنتانِ حفِظْتُهما عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (إنَّ اللهَ كتَب الإحسانَ على كلِّ شيءٍ فإذا قتَلْتُم فأحسِنوا القِتْلةَ وإذا ذبَحْتُم فأحسِنوا الذَّبْحَ ولْيُحِدَّ أحدُكم شَفْرَتَه ولْيُرِحْ ذبيحتَه) الراوي: شداد بن أوس | المصدر: صحيح ابن حبان، الرقم 5883 |.
ومِن حِكَمِ مشروعيَّةِ الأضْحِيَّة :
– شُكْرُ اللهِ تعالى على نِعمةِ الحياةِ.
– إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حين أمَرَه الله عزَّ اسمُه بذَبحِ الفِداءِ عن إسماعيلَ عليه الصَّلاة والسَّلامُ في يومِ النَّحرِ , فكان ذلك سبب النجاة ورفع البلاء.
– أنَّ في ذلك وسيلةٌ للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهلِ البَيتِ، وإكرامِ الجارِ والضَّيفِ، والتصَدُّقِ على الفقيرِ، وهذه مظاهِرُ للفَرَحِ والسُّرورِ بما أنعَمَ اللهُ به ، وتحدُّثٌ بنعمةِ الله تعالى، كما قال “ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ“(الضحى: 11)” الموسوعة الفقهية 5:76 “