كتاب الثريامدونات الثريا

قلبٌ آمِنٌ

رشا فرحات

في الحديثِ الشريفِ (إنّ للهِ “تعالى” عباداً اختَصَّهم بحوائجِ الناسِ؛ يَفزعُ الناسُ إليهم في حوائجِهم؛ أولئك الآمِنونَ من عذابِ اللهِ ).

أجَلْ هؤلاءِ هم الآمِنونَ …

هل تعرفُ أحداً يشاركُ في كلِّ المناسباتِ العائليةِ دونَ تَردُّدٍ ؟!

في الفرحِ تراهُ أولَ المُهنئين، المشاركينِ في طبخٍ أو نفخٍ أو طبلٍ أو رقصٍ، وفي الحزنِ، هو أولُ المُواسينَ والماسحينَ للدَّمعاتِ، والمشاركينَ في الأزماتِ.

يُرسِلُه اللهُ إليكَ في وقتِ أزمتِك دونَ أنْ تطلبَ منه،  ودونَ أنْ يَعلمُ هو، فقط لأنّ اللهَ كتبَ له الأجرَ والثوابَ، هكذا بدونِ مناسبةٍ، وبدونِ تخطيطٍ ولا تنسيقٍ ساقَه اللهُ إليكَ.

هل شعرتَ معي مَثلاً بأنّ هناك ولداً خَصَّه اللهَ بالبِرِّ؛ فهو بارٌّ بوالدَيهِ، يَسوقُه القدَرُ إليهما في وقتِ حاجتِهما دونَ أنْ يكونَ معه خبرٌ مُسبقٌ، ودونَ أنْ يُخبرانِه، فقط لأنّ اللهَ اصطفاهُ لذلك ؟!.

هم أشخاصٌ _على الأغلبِ_ عاشقونَ للخيرِ، مُدرِكونَ تماماً أنّ ما يفعلونَه مصدرٌ لسعادتِهم،  وحُبُّ الخيرِ حاضرٌ لديهِم في كلِّ وقتٍ، دونَ تفكيرٍ، ودونَ حساباتٍ، يعني لا يُطبّقونَ فكرةَ: ماذا فعلَ لي فلانٌ لأفعلَ له، متى زارني فلانٌ لأزورَه، ماذا أهداني فلانٌ لأُهديَه ؟!!!

هؤلاءِ يفعلونَ فوراً دونَ تردُّدٍ،  وبصفاءِ نيّةٍ، وبحُبٍّ، دونَ حِسبةِ عربٍ.

فعلاً، قد تجدُ ابناً بارّاً، وابناً آخَرَ أكثرَ بِرّاً منه، وأكثرَ كرَماً؛ ولكنّ الأولَ اصطفاهُ اللهُ برِضا خالصٍ، لأنه يقدّمُ كلُّ ما يقدِّمُه عن حُبٍّ، دونَ تفكيرٍ في المقابلِ، يرمي الصدقاتِ بدونَ أنْ يُنقِّبَ عن أصحابِها: هل يستِحقّونَ أم لا؟!

ولْتَعلمْ أيضاً أنّ قضاءَ حوائجِ الناسِ لا يعني فقط مادياً؛ يعني إنْ كنتَ فقيراً يُمكِنُك أنْ تفعلَ ذلك، بدعوةٍ، بخدمةٍ، يُمكِنُك أنْ تسندَ كتفَ جارِك إنْ آلَمَه، أو تمسحَ على رأسِ ابنِه إنْ غابَ، أو تكنسَ له دارَه إنْ تعبَ، وتُطعِمَه مما تيسّرَ في بيتِك إنْ جاعَ ! .

يُمكِنُكُ أنْ تفعلَ الكثيرَ، فقط “صدِّقْ” أنكَ ستكونُ من الآمِنينَ يومَ القيامةِ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى