كتاب الثريامدونات الثريا

أقصر الطرق لابتزاز البنات بحُنكة!

بقلم: محمد علي عوض- المحاضر بجامعة الأقصى

يوجب علينا الحادث الأليم الذي أودت به فتاة كريمةٌ بحياتها إراحةً لنفسها وأهلها من ملاحقة مجتمعية نكداء، وقد سيطرت عليها بلاهتُها واستبدّ بها جنوحُها إلى فعلٍ محرَّم غيرِ ذي ذوقٍ بمرّة، إلى أن نؤكّد ونفصّل؛ نؤكّد ابتداءً وجوب التربية الأمنية للأسرة عمومًا وللزوجة والصغار والكبار وذوي “المشيخانية” و”اللطشات الزعرانية”، أقصد بالتخصيص بعد العموم كلَّ أبناء الأسرة بلا استثناء، بمن فيهم ربُّها الذي واجبُه أن يقوّيَ جبهتَه ويحميَ قلبَه ويرعى الله في نفسه، ويراقب الله في أسرته..

نظرية الدوائر الهندسية الثلاث الأمنيّة!

ونفصّل بأننا عُلّمنا صغارًا –ولله الحمد- نظرية “الدوائر الهندسية”، وهي نظريةٌ يبدو أنها من منحوتات خبرات السجون؛ أي أنها عمليّةٌ ذاتُ فائدة، وهي تتحدّث عن ثلاث دوائرَ يسعى العدوّ (الذي هو هنا المحتلّ وأذنابُه والذئابُ البشرية والكلاب الشهوانية ومبتّزو المال والعفّة من الناس) لاختراق أضعفها، أو اختراقها جميعًا، أو استخدام بعضها لهدم ما بقي منها، والدائرة الأولى هي الدائرة الشخصية لمن يريد العدوُّ إسقاطَه؛ بإغراءٍ بمال أو إيقاع في جنسٍ حرامٍ أو تهديدٍ بمنع والدٍ من سفرٍ علاجيّ أو طالب من إكمال عامه الأخير في دراسته الخارجية أو عامل تتوق نفسُه لإطعام أفراخه، ونحو ذلك، وهم إن لم يستطيعوا ذلك بذلوا جهدًا آخر كأنها خطوات الشياطين فذهبوا لـ”الدائرة الاجتماعية” باحثين عن أضعفِ الحلقاتِ المحيطة به من أبنائِه أو بناتِه أو خالاتِه أو أخوالِه أو عمّاتِه أو أعمامِه أو كلِّ من يستطيعُ دخولَ أسرته في غيابه، فإذا أوقعوه في شباكهم استطاعوا إيجاد مُثلى الطرق للسيطرة عليه والاستفادة منه، وهم إذا وجدوا هاتين الدائرتين متينتين صاروا إلى “الدائرة الجهادية أو الحزبية”؛ حيث يحرّكون خلاياهم المحتمَلة التي زرعوها مسبقًا أو أوقعوها مع الزمن بابتزازاتٍ متعدّدةٍ على رأسِها شراءُ الذمّة الماليّة وتثويرُ الطاقة الشهوانية لا سيما من عازبٍ أو بائسٍ من مستقبلٍ، ومن خلاله قد يستطيعون تحقيق مرادهم.

واجبُ الوقت مع وجود احتلال ومجرمين!

وهذا يوجبُ أن تكونَ هناك مصارحاتٌ وعلاقاتٌ قويةٌ بين أفرادِ الأسرةِ الواحدة، وأن تكون هناك خصوصياتٌ لا يمكن كسرُها فضلا عن التساهل في نشرِها أو إخبار أحدٍ أيًّا كان بها، وهذا يعني ألا يكون الوالدان تحديدًا منفصلين عن بعضهما وإن كانا على قيد الزوجية، وأن يكون تواصلهما مع بنيهما حاضرًا يوميًّا وبأرقى ما يستطيعونه، وأن يجعل الوالدان تواصلهما مع بنيهما بالصداقة والحب والاهتمام والمتابعة وتقديم كل ما يقدرون من أجلهم، وأن يستغلوا ميل الأبناء لأحدهما دون الآخر في أن يكون مرجعًا محبًّا له إذا أخطأ أو انحرف أو كانت عنده مشكلة أو ضائقة، وهما بذلك أفضل من أن يفرِّغ بنوهم لغيرهم مهما كانوا لا سيما مع إتاحة هذه الأمور بسرعة في زمن “التفاصل الاجتماعيّ”.

كسرُ الحواجز بين الجنسين يوقع انحرافًا يزيد بزيادة المكسور!

وأخطرُ من إسقاط الأعداء وكيد العملاء ابتزازُ بني الجَلْدة والطَّعْنة، وهم كلابٌ على هيئةٍ بشريةٍ يستغلّون ابتسامتَهم وكلامَهم المعسولَ وفهمَهم النفسيَّ الخبراتيَّ لسدّ ثغراتٍ نفسيةٍ لا تجدُها ضحيتُهم في أسرتِها وبين أهلِها، ويستوي في ذلك المتزوجون وغيرُ المتزوّجين، ومع الزمن تسقُط الكُلفة وتحلّ الألفة، وتكسَر الحواجز، ويصير هذا التواصلُ السريُّ غالبًا حالةً إدمانيةً تعبّر فيها الفتاةُ عن حبها لآخرَ غريبٍ منها، وهو يعبر عن حبّه، ورسائل واتصالات وتصويرات “كأنهم إخوة”، و”طشّات وروحات وجيّات”، فإذا ما استوت الطبخةُ وصار الحرامُ سائغًا ومرضيًّا، لم يكن بعد هدرِ ماءِ العفّة ذنبٌ، ولم يكن بعد إراقةِ الشرفِ في طرقاتِ “الصايعين” شيءٌ يُستر، وقد سُرقت الطهارةُ تُسرقُ الأموالُ وتصرفُ وتبدَّدُ، ويصيرُ ابتزازُ الذئابِ عادةً بشرية، ولا يستطيعُ “الصغير” منها فكاكًا.. لكن السؤال هنا: أيُعقل ألا يلاحظَ الزوجُ أو الوالدُ أو أيُّ أحدٍ هذا التغير الطارئ الذي لا بدّ أنه سيُكشف في لحن القول والفعل والتصرّف والحركات القرعاء.. ما لكن كيف تنظرون؟!

رسالة ضدّ تيار عقوق الأبناء!

أيها الوالدُ الكريمُ ليكن عندك من اليقين الذي “يخزق عين الشمس” أنّك إذا لم تكن راحةَ أهلك، واعتدالَ مزاجهم، وأنيسَ مزاحهم، وجليسَ أفراحهم وأتراحهم، فإنّ هذه ثغراتٌ هي الخطرُ ذاتُه، وسيظلّ البنون أو الزوجة عن قصدٍ أعمى أو عن غير قصدٍ بسذاجة وهبل تلقائييْن يبحثون عمّن يسد هذه المسامات ويشبِع عطْشتهم لما فقدوه في ربّ أسرتهم أو سيدة بيتهم أو أخيهم الكبير. وإذا جاء عابثٌ في غياب حضورِك وانكسارِ عودِ لطفك وذواءِ عينِ متابعتك وانطفاءِ نور صداقتِك لهم، فإنهم سيعطونه أنفسَهم جميعًا، وستجد أموالهم مبعثرةً في حضرته، وكلماتِ الإطراء والحبّ تحلّق في أجوائه منهم، وسيرون مباحًا شرعيًّا أن تصافحَه أيديهم ثم تقبّلَ شفاهُه جباهَهم “احترامًا” فوجناتِهم “استصفاءً”، ويبدأ الأمر من وراء حجاب الشالة “تجنّبًا للحرام وإرغامًا للشيطان”، ثم تنقلب إلى ما هو أسفل فأسفل حتى يقع محذور محظور بانسجامٍ يبدأ بمراجعةٍ قاسيةٍ ونفس لائمةٍ، لكنها لا تجد أجواءها التي تعيدها إلى مسارها من جديد، فيمعن بنوك التلبّس بالخطرِ والارتضاءِ بامتطائهِ حتى يكسروا كلَّ حاجز، وأنت في غفلة بلهاء، وتعاسةٍ وشقاء، ولا ندري ربما تكون في أحوالك الخاصة وانحرافاتك الشخصية، وكفى بالبعد عنهم وعدم توفير المِيرة النفسية لهم داءً وأيّ داء.!

غيْرة الرجولة وفطريّة التديّن!

يا أخي –هدانا الله وإيّاك- كيف تسمحُ لبنتِك الكريمةِ أن تخرجَ كيفما اتّفق لها، تضيّق عليها ثوبَها، وتحمّر وجنتيها، وتجرح شفتيها، وتصفّر وتخضّر، وتزرّق وتموّف، وتتمايل وتتقصّع، وتدندن وتتسكّع، ولا تنصحها مجردَ نصحٍ، ولا تغارُ عليها أدنى غيْرة، بل ويزيّن لك شيطانُك أنّ هذا أبرأُ للذمّة، وأدعى لتمديد حريتها وتمطيط شخصيتها وتزهير ثقتها بنفسها، ثم تُطلِقُها فتصرعَ كلَّ ذي لبّ، و”تطعجَ” الناظرين، وتفتنَ السائرين، حتى لا حَراك بهم، بل حتى إنها لتشغلُ بعضَ بنات جنسِها عن نفسِها، ثم هي مسرورةٌ بما تفعل سعيدةٌ بنظراتٍ تسرقُ كرامتَها، ومعاكساتٍ تشظّي أنوثتَها، وعلاقاتٍ تسلّعها بلا ثمن، وتحتفلُ بها في الظاهر وتلعنُها في السرائر..

أما تدري أن الشيطان إذا قدِرَ أن ينصبَ لك حبالَه فتصمت، وينصبَ لها حباله فتزلّ وتظمأ، فإن شياطينَ الإنس سيضعونها في قائمتِهم السوداءِ للاختياراتِ التعيسةِ والأعمالِ الشنيعة، وأنّها ربما تساوقت لا من حيث أنها معتدّة برأيها قائمة بشخصها، بل لأنّها ترى أنّ كل تجرِبة من حقّها، وهذا غايةُ الغرابة والعجب..

إنّنا لا نقرُّك ألا تتركَ لها مساحةً لنفسها لكن في ضوء التقنين والمتابعة الجميلة؛ فلا سهر يطول، ولا علاقات لا تجوز، وعليها أن تبقى في إطار صواحبِها الطيّبات، وأن تقوّي علاقاتها مع أخواتها فيؤثّرْن عليها إيجابًا، وأن تقوّيَ علاقتهن جمعاوات مع أمِّهنّ فيصاحبْنها ويصادقْنها، ولتستشرْهنّ مرّاتٍ في خصوصيات أمرِها بالمقبول حتى يكنَّ أشرحَ صدرًا للتواصل معها إذا أصابهنّ مكروه أو أحاطت بهن بليّة لا قدّر الله.. إيّاك أن تنسى هذه البدهيّات التي تعرفها، واعلم أنّك مسؤولٌ عن رعيتك، وأنّ الله يهبُك معيتَه ما قصدت وجهه، وما أطعت الله فيه في سرِّك وخاصة أمرك!

إنّ من واجبِ اجتهادِك لأهلِ بيتِك لا سيما بناتك وأبناءك أن تجهدَ لهم في ملاحظةِ اختلافِ نفسيّاتِهم، والتواءِ أصواتِهم، وانثناءِ تصرفاتِهم. عليك أن ترصدَها بهدوءٍ، وتتابعَها باهتمامٍ، ولا تتركَ الأمرَ للزمن فليست القضيةُ في النفسِ مثلَ القضيةِ في الجسد، فإنّ أدويةَ الصيدلياتِ قد تداوي من داءٍ في جسد، لكن لا يعالجُ النفسَ أحسنُ من والدٍ ووالدة، وإذا كانا جديريْن أو أحدُهما بهذه الدرجةِ فسيكونان مصدرَ راحةِ بنيهم واستشارتِهم والاستفادةِ منهم وتجارِبِهم.. وطوبى لهم أجمعين!

رسالةٌ موجهةٌ لك مباشَرةً أختي الكريمة!

قد رأيتِ أنّنا شددنا الكرّةَ والتنكيرَ على أسرتك وقبطانيْها الكريمين فيما سبق، لكن وللحقّ يُقال: هل تعتقدين أنّ “سَيَحَانك” في التواصل الخاصّ مع الأزعر فلان والمجرم علان سيضمن لك أجواءً رحبةً من الحبّ، وكلامًا معسولًا هكذا بلا ثمن ودون جرّ رجلٍ فوجهٍ فلمسٍ فخرابِ بيتٍ؟!
هل تظنين –أمانة عليكي- أنّك بغفلتك وسذاجتك العمياء التي انقطع نظيرُها إلا عن ضريباتها ستجعلي منه رجلًا يصونُ عِشرةَ التواصل بالجوال أو الترسل بالمسجات، وأنّ كذبَه القحَّ عليك بأنكِ أختُه، وأنه يصونُك من شياطين الإنس والجنّ، يرمي الشياطين بدائه وينسلّ.. هل صدقتِ هذا كلَّه؟!

يا لسذاجتك..!! طب أنا بدي أخبرك هالشغلة الصغيرة ربما توقظك من هبل تنويمه المغناطيسيّ؛ هو لا يراكِ إلا لحمًا في العراء ينتظر لحظةَ الانقضاضِ عليه، لستِ إلا مَطفأةً من مطافئ شهوته المنفلتة، لستِ إلا مصدرًا لتسليته كما يصنع مع غيرك، وبلغَت به الخبرة مبلغًا أنه يحفظكنّ جمعاوات بلهاوات، وينسخ من صفحة لديه ما يرسله لكل واحدة منكنّ، ولا تقابلنه إلا بـ ههههه، وتفارُح عبيط، وربما تطوّرت المسألة إلى صورٍ متبادلة إلى حين تقع الصاخّة تتبعها الطامّة فإذا هي داهية ما لها من واهية..

وإذا استمرأتِ نزع العفّة لم يكن الشرف إلّا تحت قدميْه، وإذا صدقتِ بعدها وعودَه فلا تفجئي إذا صارحَكِ بأنّ من تخونُ أهلَها فليست بمأمونةٍ عنده، هذا إذا لم يبتزَّك مالًا ويفضحْك بين صحبِه السافلين مثلِه، وإذا لم تنقلب حياتُك جحيمًا لا يطفئها إلا توقفُك في منتصف هذا الطريق مهما أوغلتِ، ونزعِكِ العمى عن عيني قلبِك، ومصارحةِ أخٍ شفوقٍ، أو استشارةِ رجلِ أمنٍ مؤتَمن، أو مجالسةٍ مع والدٍ أو والدة، أو خالٍ أو عمٍّ.. واعلمي أنّ النسبةَ التي أخذ منها البرميل ستكون محتمَلة ومحلولة إذا سارعتِ في اليقظة، وتوكّلي على ربِّك، ولن يضيّعكِ أبدًا!

حفظ الله بناتنا الكرائم من كل سوء..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى