كتاب الثريامدونات الثريا

الشفاءُ بالكتابةِ

قرأتُ هذا العنوانَ ذات مرّة ، فاستوقفني كثيراً ، هل الكتابةُ تشفي حقاً؟ حينما تكونُ الكتابة أداةً للتنقيبِ داخل أغوار النفسِ؛ فإنها تفعلُ ما يفعله الدواءُ من الوصول إلى موطنِ الألم ، فالكتابة أداةٌ رشيقةٌ تتسللُ بخِفةٍ نحوَ ما يؤلِمُك، فتطلب منك أنْ تُخرجَ مكنوناتِ نفسِك أحرُفاً تنسكبُ على بياض الورقِ ، لتغادرَ جسدَك المرهقَ بأجملِ طريقةٍ قد يغادرُ فيها ألمٌ ما .

جسدُك الآن خالٍ من كل آلامِك ، إنك تنظرُ إليها بعيداً عنك ، تنظرُ إليها من علٍ ، متحكماً فيها، والآن فقط تستطيعُ مواجهتَها كما يجبُ.

هناك فرقٌ كبيرٌ بين أنْ تكتبَ لنفسك أو أنْ تكتبَ للآخَرين ، ولعل الصعوبةَ في كتابتك لنفسِك ، فكأنما كتابتك مرآتك أو عدستك المكبّرة، التي ترى ما لا يُرى بالعينِ المجردةِ .

وعموماً فإنّ الألمَ دافعٌ ثري للكتابة ، فأجملُ مخرجاتِ الأدبِ لدى كثيرٍ من الأدباء المشهورين، كان دافعَها ومحركَها الأولَ الألمُ، ورغم ما في المِحنِ والمشكلاتِ من إعياء للنفسِ، وتشتُتٍ لمسارِها، إلا أنها تصنعُ منك إنساناً جديداً متسقاً ومتوافقاً مع ما يحدثُ حوله .

والكتابةُ أجملُ أسلوبٍ من أساليبِ التنفيسِ عن الذات ، إنه تنفيسٌ جميلٌ وأنيقٌ وراقٍ ،قد يخلّدُ أجملَ لحظاتِ المواجهةِ الإنسانية الذاتيةِ، وقد يتمخضُ عنها تحفةٌ كتابيةٌ تقلّبُ صفحاتِها كلُّ نفسٍ تعشقُ تذوُّقَ الكلماتِ والسفرِ في أعماقِ الذات.

مشاركة /نيللي كفارنة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى