حُكمُ استخدامِ موانعِ الحملِ لفتراتٍ طويلةٍ؛ تتجاوزُ الستةَ سنين .

أجاب عن التساؤلات الدكتور عبد الفتاح غانم رئيس لجنة الافتاء في جامعة الأقصى
على الإنسانِ أنْ يَعلمَ أنّ اللهَ سبحانه وتعالى هو الخلاقُ، وأنه إذا أراد تكوينَ نفسٍ لا بدّ أنْ تتكونَ، لا يمنعُها شيءٌ، وإذا لم يُردْ تكوينَها؛ فلا يمكنُ أنْ تتكونَ بوجهٍ من الوجوهِ، وإذا علمَ الإنسانُ أنّ في زمانِنا اليومَ تقومُ حملةٌ شعواءُ على المسلمين؛ من أجلِ تحديدِ النسلِ وتقليلِه، والواقعُ أنّ الأرزاقَ بيدِ اللهِ، وأنّ تحديدَ النسلِ إنما هو من الوأدِ الخَفي، إنما هو قتلُ الأولادِ بالوأدِ الخَفي، إذا عرفَ الإنسانُ ذلك ؛عرفَ أنه ينبغي أنْ يستغنيَ عن تحديدِ النسلِ وتقليلِه، وأنْ يسعى لتكثيرِ سوادِ المسلمين، وزيادةِ أعدادِهم، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: “تناكحوا تناسلوا فإني مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ يوم القيامة”.
ومع هذا فقد يضطّرُ الإنسانُ في بعض الحالاتِ لمِثل ذلك؛ كما إذا كانت المرأةُ مصابةً بمرضٍ، أو يضرُّ بها تقارُبُ الحملِ، أو تعبَ الأمِ بسببِ الولاداتِ المتتابعةِ، أو ضعفَ بنيتِها، أو غيرَ ذلك…، ولذا فقد أجازَ الفقهاءُ استخدامَ موانعِ الحملِ؛ على ألا يكونَ ذلك على سبيلِ التأبيدِ، بشروطٍ:
1ـ أنْ يكونَ استخدامُ هذه الوسائلِ لمنعِ الإنجابِ بتراضٍ من الزوجين؛ لأنّ الحقَّ لهما جميعاً، فلا يجوزُ إلاّ بإذنِهما معاً.
2ـ أنْ تكونَ هناك مصلحةٌ معتبرةٌ شرعاً لاستعمالِ هذه الموانعِ؛ فلا يجوزُ منعُ الإنجابِ إذا كان القصدُ منه الخوفَ من الفقرِ، أو لأسبابٍ أخرى غيرِ معتبرةٍ شرعاً، جاء في قرارِ المجمعِ الفِقهي الإسلامي المُنبثقِ عن رابطةِ العالمِ الإسلامي، في دورتِه الثالثةِ المنعقدةِ بمكةَ المكرّمةِ، في المدّةِ من (23-30) ربيع الآخر 1400هـ الموافق (10-17) مارس 1980م وفيه: «لا يجوزُ منعُ الحملِ إذا كان القصدُ من ذلك خشيةَ الإملاقِ؛ لأنّ اللهَ تعالى هو الرزاقُ ذو القوةِ المَتين {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا} سورة هود، الآية [6]، أو كان ذلك لأسبابٍ أخرى غيرِ معتبَرةٍ شرعاً».
3ـ أنْ لا يكونَ هناك ضررٌ في استعمالِ هذه الموانعِ، سواءٌ على الرجلِ أو المرأة، قال -صلى الله عليه وسلم-: ” لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ”. والله تعالى أعلى وأعلم.