حكم الطلاق الغيابي

أجاب عن التساؤلات الدكتور “سلمان الداية” أستاذٌ مشارك في الفقهِ وأصوله بكليةِ الشريعة في الجامعة الإسلامية .
حكم الطلاق الغيابي ، وما هي الحالات التي يجوز فيها ، وكيف يتم التعامل معه من حيث العدة والحقوق والمهور ؟
إذا حصل الطلاقُ من الزوجِ وكان عاقلًا بالغًا مختارًا غيرَ مكرهٍ، صحيحًا غيرَ مريضٍ مرضَ الموتِ، ولا مغمىً عليهِ صحَّ طلاقهُ سواءٌ كانَ شاهدًا عند الزوجةِ، أو في مصرِها، أو كان غائبًا عنها، أو كان في غير مصرِها، صحَّ الطلاقُ على كلِّ حال، وترتبت عليه آثارهُ؛ ثم يُنظرُ: فإن كانت مدخولًا بها استحقت عليه المهرَ كلهُ؛ {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا، وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } [ سورة النساء، آية (20)].
وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } [سورة النساء، آية (24)].
وتجب عليها العدةُ ، وفيه تفصيلٌ: فإن كانت حاملًا فعدتها وضعُ الحملِ؛ لقوله تعالى:
{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [سورة الطلاق، آية (4)].
وإن كانت حائلاً –أي غيرَ حاملٍ- فيُنظرُ: فإن كانت ممن تحيضُ فعدتها ثلاثةُ أطهارٍ؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } [سورة البقرة، آية (228)].
وإن كانت يائسًا –أي لا تحيضُ- فعدتها ثلاثةُ أشهرٍ لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [ سورة الطلاق، آية (4)].
وإن كانت غير مدخولٍ بها استحقت عليه نصفُ المهرِ المُسمى؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة البقرة، آية (237)].
ولا تلزمُها العدةُ؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49]. والله أعلم.