طلاق “الفيس بوك” بدون فيس!

“بيكذب الكذبة ويصدّقها”؛ مَثلٌ عربي قديمٌ تعلّمناهُ في المدارسِ، وإنْ كان المقصودُ به “أشعب” عندما كذبَ على الصبيانِ بأنه يوجدُ وليمةٌ لدَى فلان؛ ليَصرفَهم عنه، ثم لحقَ بهم خوفاً أنْ تكونَ كذبتُه حقيقةً!!. تماماً كما أصبح يَحدُثُ عبرَ شبكاتِ التواصلِ الاجتماعي، التي باتت تتعاملُ مع الأخبارِ والأزماتِ بزيادةِ تأجيجِها بذريعةِ الكُلّ محلَّل في كلِّ المجالاتِ، ويدَّعي المعرفةَ والعلمَ من بابِ إثباتِ ذاتِه “شاهِد ما شفشِ حاجة”! يعني “قَرعة بتعاير لإم الشَعر”!.
قبلَ سنواتٍ قليلةٍ_ ورُبما بالمصادفةِ_ اكتشفَ الناسُ العاديونَ، ومن قبلِهم الخبراءُ والمسئولونَ الإمكاناتِ الهائلةَ لشبكاتِ التواصلِ الاجتماعي، وفي مقدمتِها ” الفيسبوك ” و”تويتر”، وغيرِها في دورِها بتأجيجِ الأزماتِ، ونشرِ الأخبارِ والشائعاتِ على حدٍّ سواء؛ حيثُ استخدمتْ بصورةٍ كبيرةٍ وبسرعةٍ متزايدةٍ في طلبِ الاستغاثةِ، وتبادُلِ الأخبارِ والمعلوماتِ والآراءِ، ودعمِ الروحِ المعنويةِ أو تحطيمِها، وأحياناً نشرِ الفزعِ والخوفِ.
ففي الأيامِ القليلةِ الماضيةِ؛ عاصرْنا حرباً رابعةً… ولكنْ في العالمِ الافتراضي، والكُلُّ بات صحفياً” بالفطرة”! ويتسابقُ إلى نشرِ الأخبارِ _بغَضِّ النظرِ عن مصدرِها_ بدونِ أدنَى مسئوليةٍ!. حتى البيوتُ أصبحتْ مكشوفةً للجميعِ، ورُبما الغرباءُ عرفوا أخبارَ البيتِ قبلَ أصحابِه، وأصبح الوسيلةَ الأسرعَ في نقلِ الأخبارِ؛ حتى بين الزوجِ وزوجِه، والأبِ وابنِه، ومدى الحبِّ بينهما بعددِ الإعجاباتِ وعذوبةِ التعليقاتِ حتى ولو لم يقُلْ شيئاً، وبات سبباً لحدوثِ العشراتِ من حالاتِ الطلاقِ شهرياً في قطاعِ غزة!.
ودعوَتُنا هنا للجميعِ إلى أنْ نَغُضَّ الطرْفَ قليلاً عن عالمِنا الافتراضي في الجلساتِ العائليةِ؛ لنعودَ إلى دِفئِها فتعودَ السعادةُ إلى بيوتِنا من جديدٍ.