نحنُ في المكاتبِ ومقراتِ العملِ؛ لا نكادُ نَجدُ وقتاً للعبادةِ والعملِ الصالحِ

نحنُ في المكاتبِ ومقراتِ العملِ؛ لا نكادُ نَجدُ وقتاً للعبادةِ والعملِ الصالحِ! فكيف نفعلُ في الأوقاتِ القليلةِ التي نجدُها في يومِنا؟ وكيف يمكنُ أنْ نستفيدَ منها؟
إنّ الوقتَ هو عمرُ الإنسانِ، ويجبُ أنْ يُصانُ عن الإضاعةِ والإهمالِ، والحكيمُ الخبيرُ مَن يحافظُ على وقتِه، فلا يتخِذْهُ وعاءً لأبخسِ الأشياءِ، وأسخفِ الكلامِ؛ بل يَقصرْهُ على المساعي الحميدةِ والأعمالِ الصالحةِ التي تُرضي اللهَ، وتنفعُ الناسَ، فكلُّ دقيقةٍ من عمركِ قابلةٌ لأنْ تضعَ فيها حجرًا يزدادُ به صرْحُ مجدِك ارتفاعًا، ويقطعُ به قومُك في السعادةِ باعًا أو ذراعًا، فإنْ كنتَ حريصًا على أنْ يكونَ لك المجدُ الأسمَى، ولقومِك السعادةُ العُظمَى؛ فدَعْ الراحةَ جانبًا، واجعلْ بينَك وبينَ اللهِ حاجبًا عن المعصيةِ. هذا وإنّ الدقيقةَ من الزمنِ يمكنُ أنْ يُفعلَ فيها خيرٌ كثيرٌ، ويُنالَ بها أجرٌ كبيرٌ، دقيقةٌ واحدةٌ فقط يمكنُ أنْ تزيدَ عُمرَك، في عطائك، و فهمِك، وحِفظِك وحسناتِك، دقيقةٌ واحدةٌ تكتبُ في صحيفةِ أعمالِك؛ إذا عرفتَ كيف تستثمرُها وتحافظُ عليها: احرصْ على النفعِ الأعمِّ من الدقيقةِ، فإنْ تنسَها تنسَ الأهـمَّ ، وفيما يلي ذِكرٌ لمشاريعَ استثماريةٍ تستطيعُ إنجازَها في دقيقةٍ واحدةٍ بإذنِ الله: في دقيقةٍ واحدةٍ تستطيعُ أنْ تقرأَ سورةَ الفاتحة (3) مراتٍ سردًا وسِرًا، ولقد حسبَ بعضُهم حسناتِ قراءةِ الفاتحةِ؛ فإذا هي أكثرُ من (600) حسنةٍ، فإذا قرأتَها (33) مرةً ؛ يَحصلُ لك بإذنِ اللهِ أكثرُ من (1800) حسنةٍ، وكلُّ هذا في دقيقةٍ واحدةٍ.
في دقيقةٍ واحدةٍ تستطيعُ أنْ تقرأَ سورةَ الإخلاصِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (20) مرّةً سردًا وسِرًا، وقراءتُها مرّةً واحدةً تَعدِلُ ثُلثَ القرآنِ، فإذا قرأتَها (20) مرّةً؛ فإنها تَعدلُ القرآنَ (7) مراتٍ، ولو قرأتَها كلَّ يومٍ في دقيقةٍ واحدةٍ (20) مرةً؛ لقرأتَها في الشهرِ (600) مرةٍ، وفي السنةِ (7200) مرةٍ، وهي تَعدلُ في الأجرِ قراءةَ القرآنِ (2400) مرةٍ.
تقرأُ وجهًا من كتابِ اللهِ في دقيقةٍ. 4- تحفظُ آيةً قصيرةً من كتابِ اللهِ في دقيقةٍ.
في الدقيقةِ الواحدةِ تستطيعُ أنْ تقولَ: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير (20) مرةً، وأجرُها كعِتقِ (8) رقابٍ في سبيلِ اللهِ من وَلدِ إسماعيلَ.
في دقيقةٍ واحدةٍ تستطيعُ أنْ تقولَ: سبحانَ اللهِ وبحمدِه (100) مرةٍ، ومن قالَ ذلك في يومٍ؛ غُفرتْ ذنوبُه وإنْ كانت مِثلَ زَيدِ البحرِ.
في دقيقةٍ واحدةٍ تستطيعُ أنْ تقولَ: سبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيمِ (50) مرةً، وهما كلمتانِ خفيفتانِ على اللسانِ، ثقيلتانِ في الميزانِ، حبيبتانِ إلى الرحمنِ. قال صلى اللهُ عليه وسلّم: “لأنْ أقولَ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ؛ أحبُّ إلي مما طلعتْ عليه الشمسُ» (رواه مسلم)، وفي الدقيقةِ الواحدةِ تستطيعُ أنْ تقولَ هذه الكلماتِ جميعًا أكثرَ من (18) مرةً، وهذه الكلماتُ هي مِن أحبِّ الكلامِ إلى اللهِ، وهي من أفضلِ الكلامِ، ووزنُهنَّ في الميزانِ ثقيلٌ.. كما وردَ في الأحاديثِ الصحيحةِ.
– في الدقيقةِ الواحدةِ تستطيعُ أنْ تقولَ: لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ أكثرَ من (40) مرةً، وهي كَنزٌ من كنوزِ الجنةِ _كما روَى البخاري ومسلم_ كما أنها سببٌ عظيمٌ لتحمّلِ المَشاق، والتضلُّعِ بعظيمِ الأعمالِ.
– في دقيقةٍ واحدةٍ تستطيعُ أنْ تقولَ؛ لا إلهَ إلا اللهُ (50) مرةً تقريبًا؛ وهي أعظمُ كلمةٍ..؛ فهي كلمةُ التوحيدِ، والكلمةُ الطيبةِ، والقولُ الثابتُ، ومن كانت آخِرَ كلامِه دخلَ الجنةَ..، إلى غيرِ ذلك ما يدلُّ على فضلِها وعظمتِها.
– في دقيقةٍ واحدةٍ تستغفرُ اللهَ عزَّ وجلَّ أكثرَ من (100) مرةٍ؛ بصيغةِ أستغفرُ اللهَ، ولا يَخفى عليكَ فضلُ الاستغفارِ؛ فهو سببٌ للمغفرةِ، ودخولِ الجنةِ، وهو سببٌ للمتاعِ الحَسنِ، وزيادةِ القوةِ، ودفعِ البلايا، وتيسيرِ الأمورِ، ونزولِ الأمطارِ، والإمدادِ بالأموالِ والبنينَ.
– تُلقي كلمةً مختزلةً مختصَرةً في دقيقةٍ؛ وربما يفتحُ اللهُ بها من الخيرِ ما لا يَخطرُ لك بِبالٍ.
– في الدقيقةِ الواحدةِ تستطيعُ أنْ تُصليَ على النبيّ صلى الله عليه وسلم (50) مرةً؛ بصيغةِ صلّى الله عليه وسلم، فُيصلّي عليك اللهُ مقابلَها (5000) مرةٍ؛ لأنّ الصلاةَ الواحدةَ بعَشرِ أمثالِها.
– ترفعُ يديكَ، وتدعو بما شِئتَ من جوامعِ الدعاءِ في دقيقةٍ، وتستطيعُ أنْ تُسَلِّمَ على عددٍ من الأشخاصِ، وتصافحَهم في دقيقةٍ، وتنهَى عن مُنكرٍ في دقيقةٍ، وتأمُرَ بمعروفٍ، وتُقدِّمَ نصيحةً لأخٍ في دقيقةٍ، تواسي مَهمومًا في دقيقةٍ، وتُميطَ الأذى عن الطريقِ في دقيقةٍ. فبِقدْرِ إخلاصِ المسلمِ ومراقبتِه لأفعالِه؛ يَعظُمُ الأجرُ بفضلِ اللهِ تعالى، وتَكثرُ الحسناتُ بفضلِ اللهِ جلّ جلالُه. ولِنَعلمْ أنّ معظمَ هذه الأعمالِ لا تُكلِّفُ المسلمَ شيئًا، فلا يَلزمُه طهارةٌ، أو تعبٌ، أو بذلُ جهدٍ؛ بل قد يقومُ المسلمُ بهذه الأعمالِ المباركةِ، وهو يسيرُ على قدَميهِ، أو في السيارةِ، أو واقفاً، أو جالساً، أو في أثناءِ انتظارِه.