Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
كتاب الثريامدونات الثريا

بشرى غير سارّة “إحصائية”!

في علاقاتكم “وأْتوا البيوت من أبوابها”!!

بقلم : د. محمد عوض محاضر بجامعة الأقصى

الزواج الذي ينشأ من الانترنت يُخْفق، لا سيما إذا طال مداه، وتواصل اثنان بما يسمّى الحبَّ والكلامَ الفارغ، ولعلّ هذا الإحصاءَ طبيعيٌّ في حالةٍ لم يبدأ صاحباها بإتيان البيوت من أبوابها، ويقول بعض هؤلاء: يظل الشكّ يساورنا؛ فمن يصنع هذا معنا غيرُ مأمونٍ أن يكونَ صنَعَه أو يظل مستمرًّا في جوّ تخديره بعد الزواج، إلا أن يشاء الله أمرًا آخر يبدو من الواقع بعيدًا، فالحركة “القرعاء” هذه أشبه ما تكون بمصيدة تنتظر سمكها، فأدناها منها حظوةً أقربُها للوصال الحقيقيّ.

هذه التواصلات لا تعرّف الطرفين ببعضهما؛ هي أشبه ما يكون بكتاب أعجبك صاحبُه فأحببته، وولهتَ ببلاغتِه فصرتَ تبحث عن كلِّ مكتوبِه مظانَّه، تأنسُ به، ويؤانسُك، وتذكرُه في كل مجلس كما لو كان كلامُك حضورَه، وكما لو كانت كلماتُه حياتَك، لكن في نهاية المطاف بل في مبدئه أنت لم تجالسْ إلا أوراقًا صفراء وكلماتٍ مرصوصةً وجمالًا قد ينفعل به آخرون أكثرَ من انفعالك أنت نفسِك، ما لا يشكل لك خصوصيةً، وهل يكون الكتاب المفتوح بشرًا سويًّا وإنسيًّا بمرضيًّا؟!
هذه التواصلاتُ لعبُ أطفال للتفريغِ العاطفيّ، والتسليةِ، والتسريةِ، وتقليدِ روميو وجولييت، واستدعاء موسيقى قيس وكُثيّر في حضرة ليلى وعزّة، وما ثَمّ إلا واهمان مخلِّطان!

إنّ التواصل من وراء حجاب “الشات” أو سماع الصوت جوّالًا، أو ما قد يصل إلى الوِصال الوِجاهيّ ليس إلا تضييعَ وقت من اثنين غالبُ أمرهما أنهما يضحكان على بعضهما؛ أحدُهما لؤمًا والآخر هبلًا وسذاجةً. ولا سبيل لتصحيح العلاقة وتصويبها إلا بأن يتعرّف الاثنان على بعضهما في إطار شرعيّ يعبّران فيه عن صدقيّتهما وصدقِهما وجدّيّتهما، وتحت الأضواء، وأمام عائلتيهما وأصدقائهما ومعارفهما، وبأوراقٍ مكتوبة ومواثيقَ مغلظةٍ، فهذا أدنى أن يرتاحوا ويطمئنّوا.

وإنّك لتجدُ كثيراتٍ ممّن انتهت بهنّ غراميّاتُ الانترنت إلى قفص الزوجيّة، كسيراتِ الخاطر مهيضاتِ الأجنحة، لا تستطيع إحداهنّ اعتراضًا على زوجها، ولا تطيقُ أن تقع عينُ أهلها منها على توجّع وتألّم وتشكٍّ؛ لأنهم لها بالمرصاد: هذا اختيارُكِ، وحبُّكِ، وغرامكِ، فتحمّلي، ولعلّ الأبعدَ إذا كان لئيمًا أحمقَ منحطًّا يستغل هذه الظروف فيضيّق عليها ويتكبّر، وربما انحطّ أكثر مستغلا تواصلهما السابق للخِطبة بأن يكون مصدرًا للإزعاج والتشفّي بتنكيد لا ينقطع، وتكتفي هي أن تطوي عليها لياليها وفراشها، وتحبس دموعها وقهرها في صدرها وقلبها حتى تنفجرَ يومًا، فتشرد بزوجها البلاد والعباد، وتفتح من الدفاتر القديمة الحرام ما لا ينبغي لأحد أن يعرفه.

لكن كل هذا لا ينسينا إلقاءَ النظر على مسألةٍ هي الغايةُ في الخطورةِ والأهميةِ أنّ معظمَ ويوشك أن يكون كلَّ الشباب المتزوجين انترنتيًّا مستواهم الماديّ ضعيفٌ أو صفريّ، ما يسقط الفتاة من “برج الحبّ العاجيّ” الساذج إلى مهاوٍ مردية سحيقة بحالٍ عاطفية متشظّية، تكتشف معها غياب عقلها وانحدار فكرها، وتعرف ولات حينَ مندم أنّ الحبّ “لا يطعم ولا يشرِب ولا يلبِس ولا ينزّه ولا يحقق كل مطلوب” وحده، فهو من أركان السعادة، وليس ركنَها الوحيدَ.

والبنات هنّ الوحيدات أو أكثر من يكتوي بهذه النيران، فلن يقف معها المجتمع وقفة كاملة، ولن يساندها أهلها مساندة كريمة، بل ستجد حاميًا وراقيًا، وكاويًا وهاديًا، ولكلٍّ وجهة هو مولّيها، وهي نفسُها لم تتّعظ من قريناتها اللاتي وطئِهنّ “المعاكسون” الملاحقون المستهزئون بهنّ، الذين كان كلامهم جميلا عسيلا، فلما قضوا أوطارهم غسلوا من التزاماتهم أوضارهم، ولم يبالوا البنات بالةً، ولا أشفقوا لبكائهنّ، ولا بتذكيرهم بأيام الجمال والوعود، فما السراب بمنشئ زمزمًا لمن كان سعيه بين “الخَفا” و”الجَمْرة”، وما هو بممسك شيئًا ذا بال، ولم يذبح “إسماعيله” بعدُ.. لكنّ الجميعَ يندم ولات ساعةَ مندم، كالبغاة الذين مرتعُ ظلمِهم أنفسَهم وخيمٌ.

حفظ الله بناتنا وأخواتنا من كل سوء، وجميع شباب المسلمين،،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى