بصيـرة فـي: الشتـاء ربيـع المؤمـن

دائرة الوعظ و الإرشاد في رابطة علماء فلسطين – غزة
الشتاء ربيع المؤمن؛ فهو يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح فيه في ميادين العبادات، وهو يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة شديدة، ولا كلفة تحصل له من جوع أو عطش؛ فنهاره قصير بارد، لا يحس فيه بمشقة كبيرة للصيام، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يعتنون بالشتاء، ويرحبون بقدومه ويفرحون بذلك، ويحثون الناس على اغتنامه.
قال الله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } (الفرقان: 62).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” الشتاء ربيع المؤمن ” (رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن)، وزاد فيه البيهقي: ” طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه “.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ” الشتاء غنيمة العابدين ” (رواه أبو نعيم بإسناد صحيح).
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: ” ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؛ قالوا: بلى؛ فقال: الصيام في الشتاء وقيام ليل الشتاء ” (إسناده صحيح) ومعنى الغنيمة الباردة: أي السهلة، فحرارة العطش لا تنال الصائم فيه.
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ” مرحبا بالشتاء، تنْزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام “.
وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: ” قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف “.
وقال الحسن البصري رحمه الله: ” نِعْمَ زمانُ المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه “.
وكان أحد الصالحين إذا جاء الشتاء يقول: ” يا أهل القرآن، طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا “.
وختاماً أحبابنا الكرام: فإذا لم نصم صيام داود، أفلا نصوم الاثنين والخميس؟ وإذا لم نصم الاثنين والخميس،
أفلا نصوم أيام البيض؟ (وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري)، هي فرصة ذهبية للمشتغل الذي يبتغي الأجر من الله رب العالمين وغنيمة باردة له، ولمن عليه قضاء، أو من عليه كفارات فليغتنموا جميعاً هذه الغنيمة الباردة، ولا ننسى أن نذكر بقيام الليل، فإن الله تعالى ذكر من أوصاف أهل الجنة: { كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
دائـرة الوعـظ والإرشـاد