مسار الحفريات في المسجد الأقصى المبارك

إعداد: نهال الجعيدي – بتصرف من ورقة عمل مقدمة لمؤتمر القدس الدولي للبث زياد الحسن متخصص في شئون القدس.
شكل مسار الحفريات أول المسارات نشأةً، إذ تعود نشأته إلى المحاولات المسيحية الأوروبية للبحث عن تاريخ الكتاب المقدس متأثرةً بحملة الإصلاح الديني في أوروبا، والتي وضعت الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد بين يدي القراء الأوروبيين لأول مرة في تاريخهم.
تعتبر بعثة الباحث الفرنسي دي سولسي De Saulcy عام 1863 أولى بعثات الحفر والتنقيب في المسجد الأقصى المبارك، وجاء دور المنقبين اليهود متأخراً في تلك الحفريات رغم اتخاذها الطابع الصهيوني منذ مرحلة مبكرة.
كان هدف الحفريات العثور على أدلةٍ آثارية تطابق الرواية التوراتية الدينية-التاريخية، والملاحظ أن المنقبين الأوائل لم يكن لديهم أدنى شك في صدق تلك الرواية ووصفها فبدؤوا يطابقون المكتشفات الآثارية معها مباشرة، لكن تلك المكتشفات بقيت عصيةً على التطويع ضمن هذه الرواية المرسومة مسبقاً. تعززت الحفريات بعد احتلال بقية القدس عام 1967 وأخذت الطابع الرسمي إذ باتت تحت وصاية سلطة الآثار الإسرائيلية بشراكةٍ مع الجامعة العبرية، وواصلت تنقيبها بالهدف ذاته حتى نهاية القرن العشرين إذ استنفدت عمليات البحث دون أن تجد دليلاً يثبت الرواية الدينية التوراتية حول تاريخ المسجد.
انطلاقاً من عام 2001 تحولت شراكة سلطة الآثار الإسرائيلية من الجامعة العبرية إلى وزارة السياحة، ثم ما لبثت أن تحولت إلى جمعيات المعبد المتطرفة، وباتت الأعمال فيها تتجه نحو تأهيل واقع الحفر لاستقبال الزوار، وربطها ببعضها البعض، لاستحداث مزاراتٍ سياحية تحكي قصة الوجود اليهودي في القدس دونما أن تكون مضطرةً إلى إثباتها.
وحتى شهر 8/2016 تقول التقارير إن عدد تلك الحفريات بات 63 حفرية، وأنها باتت قريبة من التوحد في شكل مدينة سياحية متكاملة ومتصلة من الآثار.
رغم تركيز الاهتمام الأكبر عربياً وإسلاماً على هذا المسار، إلى أن هذا المسار يقترب من بلوغ منتهاه، ولا يوجد دليل حسي أو استقرائي يثبت تمحوره حول فكرة هدم أي جزءٍ من الأقصى، وإن كان لا يبالي بما قد يسببه من آثار مدمرة على كل ما فوقه من مبانٍ سواء كانت بيوتاً أو مساجد أو مدارس تاريخية، ولعل الضرر الأكبر على المباني بسببه تركز في منطقة سلوان وفي حي وادي حلوة على وجه التحديد.