بالأرقام … الإسلام لم يظلم المرأة

الجزء الثاني
بقلم: د. ماهر السوسي أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة و القانون
في المقال السابق ذكرنا أن الإسلام نفسه لم يظلم المرأة، وإنما جاء الظلم من قِبل المسلمين الذين تركوا أحكام الإسلام وتعاملوا مع المرأة بمقتضى موروثات قديمة لا علاقة لها بالإسلام من جهة، وبمقتضى ما أذاعه أعداء الإسلام عن المرأة في الإسلام من جهة أخرى، وحاولت أن أرد على كل الافتراءات التي وُجهت للأسلام من خلال إحصائية نشرها موقع nationalgeographic” (ناشيونال جيوغرفك) وهو موقع غير إسلامي عن أوضاع المرأة عبر العالم، وكنت قد بيّنت سابقاً بالأرقام أوضاع المرأة في مجال الحقوق السياسية والالتحاق بالتعليم الثانوي والإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وقلنا إن المرأة المسلمة كانت الأوفر حظاً من غيرها في الحقوق السياسية وفي التعليم الثانوي، وأنها الأقل أصابة مطلقاً بمرض الأيدز، وفي هذه الحلقة نواصل عرض أحوال المرأة عبر العالم بالأرقام:
ذكرت الإحصائية أن أعلى معدل للانتحار كان في أوروبا وبعض الدول الآسيوية، وخصوصاً بين الفتيات من سن 10 سنوات إلى سن 19 سنة.
هذا وإن كان هناك من تنتحر من بنات المسلمين إلا أن ذلك لا يعتبر ظاهرة في بلاد الإسلام وصوصاً أنه ليس كل بلاد المسلمين في آسيا، وعليه فالمرأة المسلمة تصنف في الدائرة الأقل انتحاراً.
700 مليون فتاة حول العالم قد تزوجت دون سن الزواج الرسمي (18) عاماً، وهو سن الرشد في القانون، وذكرت الإحصائية أن هذه الزيجات قد تمت بموافقة الوالدين، وللحقيقة ففي هذه المجال قد تكون المرأة المسلمة ليست أحسن حظاً من غيرها من النساء عبر العالم، لكن السبب هنا ليس هو أحكام الإسلام؛ بل العادات القبلية القديمة التي لا يزال كثير من المسلمين متمسكين بها، ورغم الإسلام لم يحدد سناً معينة للزواج، لكنه لم يبح الزواج المبكر على علاته، بل أن كان هذا الزواج يحقق ضرراً لأحد الزوجين أو كلاهما، فهو ممنوع شرعاً، لقول النبي r “لا ضرر ولا ضرار”.
16 مليون فتاة تلد في المراحل العمرية ما بين 15 إلى 19 عاما يلدن ولادة مبكرة، وتتمركز أعلى معدلات في أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية، وعلى الرغم من ارتفاع النسب إلا أن هناك اتجاها لتخفيض هذه الظاهرة بسبب استخدام وسائل منع الحمل، ولن نجانب الصواب إذا قلنا إن هذه الولادات في غالبها هي نتيجة لقاءات جنسية غير مشروعة، والدليل على ذلك ما ذكرته الإحصائية من أن هذه الدول التي ترتفع فيها هذه النسبة تتجه إلى تعميم وسائل منع الحمل، قلت إن ذلك في اللقاءات غير المشروعة، لأن قوانين هذه الدول لا تفرض على الأزواج الشرعيين منع النسل أو تنظيمه.
ولو نظرنا إلى الأماكن التي ترتفع فيها نسبت الولادات المبكرة كما في الفقرة السابقة، سنجد أن بلاد المسلمين بعنيدة كل البعد عنها، وأن الزنا في بلاد المسلمين وإن كان منتشراً – رغم تحريمه في الإسلام – إلا أن نسبته ضيئلة جداً، وبذا تسلم المرأة المسلمة أيضاً من هذه المشكلة.
120 مليون فتاة حول العالم تعرضن للعنف الجنسي، و200 مليون امرأة تعرضت لتشويه أعضائهن التناسلية، سواء من قِبل أزواجهن، أو من خلال تجارة الجنس وما شابه ذلك.
وإذا قلنا إن المرأة المسلمة قد تتعرض لمثل هذه الإشكاليات، فإننا نقول إنها ليست وحدها من دون نساء العالم في هذا المجال، وأن الظلم الواقع عليها هو واقع على النساء في كل مكان مسلمات كن أو غير مسلمات، مع القول بأن تجارة الجنس والدعارة في بلاد المسلمين ليست في حجمها كما هو في بلاد غير المسلمين.
ختاماً، هذه هي إحصائياتهم وليست إحصائياتنا، تلك الإحصائيات التي تبيّن أن الظلم واقع على المرأة في كل مكان من هذا العالم، وإذا كانوا هم غير مسلمين فإن تشريعاتهم وثقافاتهم هي التي ظلمت المرأة وليس الإسلام، كما موروثاتنا القديمة وأهواءنا التي لا علاقة لها بالإسلام هي التي ظلمت المرأة في بلاد المسلمين، والإسلام براء من ذلك.