غير مصنف

الحُبُّ والاهتمامُ أبجَديّاتُ مدرسةِ الأمومةِ

من أجملِ وأرقى مدارسِ الحياةِ مدرسةُ الأمومةُ؛ فهي عالمٌ مَليءٌ بالتجاربِ والمواقفِ والصوابِ والخطأ، تحتاجُ إلى مشوارٍ طويلٍ، ونفَسٍ أطولَ ممزوجٍ بالحُبِّ والعلمِ والمعرفةِ والتعاملِ الحكيمِ، الأمومةُ رسالةٌ من أعظمِ الرسائلِ الحياتيةِ التي تبني الطفلَ؛ وتحدّدُ شخصيتَه وكيانَه وطريقةَ تفكيرِه؛ وترسمُ له مستقبلاً باهراً، فلم تنحصرْ الأمومةُ يوماً في أنْ تجهِّزي لطفلِك طعامَه وملابسَه وغرفتَه؛ فهذه أساسياتُ الحياةِ، طفلُكِ يحتاجُ إلى مَن يحتضنُه نفسياً وجسدياً؛ يريدُ أنْ تُغرقيهِ بالحبِّ في كلِّ المواقفِ؛ حينَ تشجّعيهِ عندما يفعلُ أيَّ عملٍ، أو تصرُّفٍ جميلٍ حتى لو كان بسيطاً، حين يُخطئُ يريدُكِ أنْ تحضِنيهِ وتشجّيعهِ على محاولاتِه، أو تشرحي له خطأَه بطريقةٍ أكثرَ لطفاً وتخفيفاً على نفسيتِه.

انظُري دائماً إلى ذلك الكائنِ الصغيرِ البريءِ؛ بأنه أرضٌ أنتِ مَن تُزهري فيها الحُبَّ والعطاءَ والمستقبلَ، أنتِ من تختاري النبتةَ التي تريدُها بكافةِ الألوانِ الجميلةِ، وتوجّهيها بالحبِّ لا باللومِ والتوبيخِ، امنحيهِ مشاركتَكِ كلَّ التفاصيلِ الحياتيةِ؛ ومنذُ نعومةِ أظافرِه لا تقولي صغيراً لم ينضجْ بعدُ؛ فهو مُفعَمٌ بالإدراكِ والطاقةِ والحيويةِ، لا تقتلي مظاهرَ الحياةِ فيه بعَدمِ اهتمامِك به، أو التقليلِ من شأنِه، وعدمِ مشاركتِك عالمَه الصغيرَ الكبيرَ، طفلُك لا يكتفي بتقديمِكِ الطعامَ والحلوياتِ والفُسحَ فقط؛ هو يحتاجُ قُربَكِ منه أكثرَ من أيِّ شيءٍ.

ما يَحدُثُ معنا نحن الأمهات؛ يستدعي كلَّ أمٍّ مِنا التفكيرَ جيداً؛ كم ساعةً جلستِ مع طفلِك.. حدّثتيهِ واستمعتِ إليه وأنتِ تنظرينَ إليه وهو يُحدِّثُك، معظمُنا يُحدِّثُها طفلُها ويسألُها؛ وعيونُنا إمّا في الهاتفِ؛ أو نكونُ في المطبخِ نطبخُ نجلي ننظّفُ ونرتَبُ، فعلاً محظوظة تلك الأواني والأجهزةُ الإلكترونيةُ؛ فهي تحظَى بنظرتِنا أكثرَ من أطفالِنا! واقعٌ نعيشُه كلَّ يومٍ، تجاربُ أمهاتٍ نسمعُها ونلاحظُ ثمارَها من خلالِ تصرفاتِ وسلوكياتِ الأبناءِ، وفي النهايةِ نشكو: (ابني انطوائي خجول، قليل الحديث، لا يتفاعل مع الآخرين، دائما صامت)، هو زرعُكِ وأنتِ مَن تَسقيهِ بيدِك بعدمِ اهتمامِك وانشغالاتِك.

لا تستهينوا بلحظةِ حُبٍّ وقُربٍ مع أطفالِكم؛ فهي لها مفعولٌ سحريٌّ على نفسيتِهم وشخصيتِهم، لا تستهينوا بالنظرِ إلى عينَيهِ عندما يتحدثُ لكِ، هو يخبرُك أنه يريدُ أنْ يكونَ بجانبِك؛ يشارِكُكِ ما يخطرُ بعقلِه الكبيرِ، ولكنْ يحتاجُ إلى إشاراتٍ منكِ تساعدُه على فهمِ ما يدورُ حولَه؛ يتعرّفُ على عالمٍ وبيئةٍ محيطةٍ به لا تقولي: “الحياة وتجاربُها ومواقفُها مدرسةٌ”؛ مدرستُكِ أنتِ أعظمُ وأجملُ مدرسةٍ.. اقترِبوا من أطفالِكم وأغدِقوا عليهم بالحُبِّ والحياةِ؛ فهُم أغلَى وأجملُ ما نملكُ على وجهِ الأرضِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى