تجذر فكر المقاومة في الضفة المحتلة

بقلم : نهال صلاح الجعيدي
كشفت عملية سلفيت الأخيرة تطور نوعي في المقاومة الفردية ، سواء على صعيد الإمكانيات العقلية وحسن التخطيط والرصد أو على صعيد التغلب على قلة الإمكانيات المادية واستغلال الموارد البسيطة المتوفرة ، كذلك تطور في الوعي و الثقافة والإيمان الحقيقي بأهمية وجدوى المقاومة لدى الشباب الناشئ المقبل على الحياة ، والقدرة على اكمال المسير وحمل الراية .
ولعل أبرز المشاهد التي يجب الوقوف عندها في العمليات الأخيرة هي الجرأة والشجاعة والسرعة مع صغر السن ، كذلك ما تشير له أعمار منفذي العمليات الفدائية والتي تراوحت ما بين 19 و25 عاما أي أن بعض المنفذين لهذه العمليات قد ولدوا بعد توقيع اتفاقية أوسلو ، وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية ، وبذلك يسجل هؤلاء البواسل فشل ذريع لعملية تدجين الفلسطينيين ، ودعوات التعايش السلمي على حساب الحق الفلسطيني .
كما أنها تعطي انطباع واضح للفلسطينيين على هشاشة المنظومة العسكرية الصهيونية ، وتضرب الصورة الذهنية التي تكونت عند البعض بقوة الجيش الذي لا يقهر ، وقد قهر على أيدي شباب أمنوا بعدالة قضيتهم ، وسنوا بها خناجرهم ، فهذا عاصم يقتل الجنود ويدوس على رؤوسهم ويلوذ بالفرار ، وهذا أحمد يضربهم في العمق وينسحب سالما عدة مرات ، وهذا أشرف ينفذ عمليته ويختفي عن الأنظار لأكثر من شهرين ، ويأتي عمر يقتل الجندي ويستولي على سلاحه أمام أعين رفاقه فيربكم ويقتلهم ويستولي على سيارة ويطلق النار على مجموعة أخرة من الجنود ثم ينسحب سالما ، هذه التفاصيل تروي لتؤكد جبن جنود الاحتلال ، وفشل المخابرات الإسرائيلية في تحليل المعلومات الاستخباراتيّة الواردة من الضفة المحتلة، خاصة عندما نعلم أن أغلب منفذي هذه العمليات هي من عائلات معروفة بمقاومتها للاحتلال، وبذلك يكون الاحتلال قد فشل في سياسة جز العشب الذي يتبناها ضد المقاومة في الضفة .
إن هذه العمليات والتي تتسم بالبطولة والفداء وتحف أصحابها الدعوات بالحماية أو الرحمة ،جعلت أصحابها نماذج تحتذي ، وأصبحت المقاومة طريق السالكين نحو الخلود ، وبذلك سوف تشجع الشباب في الضفة المحتلة على المزيد من العمليات خلال الفترة القادمة وتكثيفها ، خاصة في ظل نجاح تجارب سابقة ووجود تراكمية معرفية لكيفية خوض الاشتباكات.
إذا استمرت العمليات بهذه الوتيرة سيبني مع الوقت قناعات عند الجميع أن التنسيق الأمني لم ، لن ينجح في القضاء على المقاومة ، وأن كل اجراءات القمع الصهيونية لن تردع المقاومين الشباب عن القياد بدورهم ، فسياسة هدم منازل منفذي العمليات لم تنجح في وقف العمليات الفدائية ، وأن عملية واحدة في الضفة المحتلة هي خنجر مسموم في الخاصرة الرخوة للاحتلال ، وأن مزيد من التطرف للحكومة الإسرائيلية ، لن يجلب الأمان للإسرائيليين .