التخصُّصاتُ الجامعيةُ، وحريةُ الاختيارِ لمَن: للآباءِ أمْ للأبناءِ ؟!

بعدَ إعلانِ نتائجِ الثانويةِ العامةِ؛ تبدأُ مرحلةُ اختيارِ التخصّصِ الجامعي؛ فهُم مُقبلونَ على مرحلةٍ وحياةٍ جديدةٍ؛ تُسمَّى “الحياة الجامعية” , لكنْ يبقَى الخلافُ بينَ الآباءِ والأبناءِ على اختيارِ التخصُّصِ الجامعي قائماً.. , فكما هو معروفٌ بأنّ الآباءَ يَحلمونَ دوماً لأبنائهم بأنْ يكونوا في مجالاتٍ مرموقةٍ بنظرِهم ونظرِ المجتمعِ؛ مِثلَ (الطبِّ والهندسةِ والصيدلةِ)؛ لأنّ نظرةَ المجتمعِ غالباً هي التي تسيطرُ على عقولِ الناسِ من ناحيةِ الراتبِ والنظرةِ واللقبِ.
تقولُ الطالبةُ “نجوى البسوس”، تخصُّص رياضيات :”الكثيرُ من الطلبةِ رسموا أحلامَهم وتخصُّصاتِهم قبلَ عتباتِ التخرجِ، وبناءً على التخصُّصِ الذي يرغبونَه؛ اجتهَدوا في الثانويةِ العامةِ , ويكونُ دورُ الأهلِ في اختيارِ التخصصِ من بابِ المشورةِ وأخذِ الرأي؛ وليس فرضاً أو قراراً جَبرياً على الأبناءِ بدراسةِ تخصُّصٍ غيرَ مرغوبٍ فيه؛ لأنّ الآباءَ ينظرونَ للمستقبلِ بواقعيةٍ أفضلَ، ويكونونَ على درايةٍ أكبرَ بسوقِ العملِ واحتياجاتِه “.
وتُشاركُها الرأيَّ “فداء شمالي”، تخصّص صحافة و إعلام، وتوضّحُ أنه لا يوجدُ هناك مُبرّرٌ يَدفعُ أولياءَ الأمورِ لإجبارِ أبنائهم على أيِّ شيءٍ، ليس في اختيارِ التخصّصِ الجامعي فقط؛ ولكنْ للآباءِ حقاً في التدخُلِ في شؤونِ أبنائهم؛ لأنهم بذلوا كلَّ ما في وُسعِهم لأجلِ سعادةِ أبنائهم , وما نَجِدُه أنّ بعضَ الأهالي يُخطئونَ من خلالِ اعتقادِهم بعدمِ أحقيةِ الأبناءِ في إبداءِ أرائهِم في القراراتِ في حياتِهم؛ وعليه يجبُ أنْ يُقدّرَ الآباءُ حجمَ التدخُلِ المطلوبِ ..
من وِجهةِ نظرِ “أحمد الدلو” تخصّص تحاليلٍ طبية؛ أنّ كلَّ إنسانٍ يرغبُ بأنْ يكونَ ذا مكانةٍ مرموقةٍ ومميزةٍ، ويرى نفسَه بوظيفةٍ معيّنةٍ، ويبني عليها آمالَه وأحلامَه , وحُسنُ اختيارِ التخصّصِ هو الذي سيُحدّدُ مستقبلَ الطالبِ من خلالِ اعتمادِه على عدّةِ عواملَ أهمُّها: المُعدّلُ , الإمكانياتُ الماديةُ، ومستوى الطالب الأكاديمي، ورغبتُه وطموحُه وتطلّعاتُه، ووضعُه في مسؤوليةِ اختيارِ التخصُّصِ الذي يفضّلُه؛ يَدفعُه للتميّزِ فيه والإبداعِ، ويجعلُ لديهِ دافعاً ذاتياً للجدِ والاجتهادِ للحصولِ على درجاتٍ عاليةٍ، وفهمٍ واسعٍ للمنهاجِ .
ويوضّحُ بأنّ اختيارَ الطالبِ مُهِمٌّ؛ إلّا أنّ مساهمةَ الأهلِ بالتبصيرِ والإقناعِ والتفاهمِ، وتوضيحِ الأبعادِ لاختيارِ الطالبِ ومستقبلِه؛ يساهمُ في توجيهِه ويُجنّبُه التِّيهَ والضياعَ والتعلّقَ بآمالٍ لا فائدةَ مَرجوةٌ منها، ويتيحُ للطالبِ الشعورَ بالاهتمامِ من الأهلِ، ويدفعُه للمُضيِّ قُدماً لتحقيقِ طموحِه وطموحِ أهلِه؛ حتى يروا فيه ذلكَ الشخصِ الناجحِ والمُشارِ إليه بالبَنانِ .
في حينِ ترى” روان الكفارنة” تخصّص “صحافة وإعلام”؛ أنه من الطبيعيّ أنْ تبدأَ حريةُ الأشخاصِ في اختيارِ ما يرغبونَ به , لأنهم قادرونَ على الإبداعِ والتميّزِ في المجالِ الذي يرغبُه , وللأهلِ دورٌ كبيرٌ في تشجيعِه لمواصلةِ قرارِه .
تقولُ:”أنْ يكونَ التخصّصُ الجامعي قرارَهم ورغبتَهم، وبنفسِ الوقتِ الوالدانِ هما المُرشدُ الثاني بعدَ الطالبِ نفسِه للتخصُّصِ , فنحن كطلابٍ يجبُ أنْ نأخذَ مشورةَ الوالدينِ.. فمن الجميلِ أنْ تتوافقَ رغبةُ الطالبِ مع رغبةِ والدَيه؛ لأنه سيكونُ هناك مردودٌ إيجابيّ ومُحفّزٌ للطالبِ، لأنْ يكونَ قادراً على أيِّ تغيّراتٍ تَحدثُ معه، وأنْ يتحمّلَ المسؤوليةَ .
يرى “أحمد سمعان”، تخصّص تعليم أساسي؛ بأنّ دورَ الأبناءِ في اختيارِ التخصّصِ يصل أحياناً إلي( 90%) وللآباءِ حقُّ الإرشادِ في اختيارِ طموحِهم ومستقبلِهم بالإيجابِ أو السلبِ؛ أما ما نراهُ في الواقعِ أنّ الدورَ الأكبرَ في ذلك يكونُ للأبناءِ .
يقولُ “محمد الزيني” تخصّص علاج طبيعي :” بدايةً نحن الآنَ مُقبِلونَ على سنةٍ دراسيةٍ جديدةٍ، ومرحلةٍ جديدةٍ بالنسبةِ لطلبةِ الثانويةِ العامةِ، فمَع طَرْقِ أبوابِ الجامعاتِ لاختيارِ التخصصِ؛ يبدأُ الصراعُ بينَ الآباءِ والأبناءِ على اختيارِ التخصّصِ الجامعي؛ فالأبُ يَحلمُ لابنِه بكليةٍ معيّنةٍ _بصرفِ النظرِ عن رغبةِ الابنِ_ وغالباً أنّ الآباءَ تميلُ رغباتُهم لأنْ يدخلَ أبناؤهم في مجالاتٍ مرموقةٍ بنظرِهم ونظرِ المجتمعِ؛ مِثلَ الطبِّ والهندسةِ والصيدلةِ؛ لأنّ نظرةَ المجتمعِ غالباً هي التي تسيطرُ على عقولِ الناسِ من ناحيةِ الراتبِ والنظرةِ واللقبِ , والابنُ تميلُ رغباتُه وميولُه إلى اتّجاهٍ آخَرَ؛ ويرى أنّ من حقِّه اختيارَ الكليةِ التي تتناسبُ مع أحلامِه وقدراتِه التي لا يعرفُها أحدٌ غيره، وعلى الأبِ في هذا المرحلةِ أنْ يكونَ بوصلةً لتحديدِ اتّجاهِ ابنِه الطالبِ؛ لا لإجبارَه؛ بل لإرشادِه وتوجيهِه نحوَ المجالاتِ الأفضلِ، مرّةً أخرى (لا لإجبارِه..) ، وعلى الآباءِ تركُ الأبناءِ لاختيارِ التخصصِ، وإعطاؤهم الحريةَ الكاملةَ في ذلك”.