تَّبِعْ نِدَاءَ قَلْبِكَ

تَّبِعْ نِدَاءَ قَلْبِكَ .. للكاتب: علي لبد
لا أعلمُ من أين أبدأُ، ولم أفكّرْ يوماً أنْ أكتبَ عن هذا الموضوعِ، لكنْ قدّرَ اللهُ أنْ ألتقيَ بأحدِهم؛ فغيَّرَ الكثيرَ؛ بل رُبما أكثرَ مما كنتُ أظنُّ وأتوقعُ.
وهنا سأبدأُ من حيثُ كنتُ أعتقدُ _حينما ترعرعتُ في ظِلِّ والدَينِ كريمينِ_ أنه لن يستطيعَ أحدٌ التأثيرَ عليَّ، نَعم، قابلتُ الكثيرَ ممّن هم أكبرُ منّي ومن والدي سِنّاً، وأكثرُ ثقافةً وعِلماً، فمنهم مَن أسدَى إليَّ النصائحَ، ومنهم من أبدَى احترامَه وتقديرَه؛ لكنهم لم يؤَثّروا فيَّ ذاكَ التأثيرَ المقصودَ، ولم يرتَقِ منهم إلا القليلُ لتلكَ الدرجةِ؛ ربما لأنني لم أفكّرْ بالغَوصِ في أعماقِهم، ولم تُتِحْ لي الظروفُ أنْ أتعرّفَ عليهم حقَّ المعرفةِ، كمَعرفتي لوالدَيّ.
ولكنْ منذُ مدّةٍ ليست ببعيدةٍ؛ ذكرَ أحدُ أصدقائي اسماً لأحدِ الشخصياتِ المُهمةِ، التي تركتْ بصمةً في الوطنِ، لكنني لم أدرِ لِمَ أُثْلجَ صدري حينها! وانتابني شعورٌ غريبٌ تُجاهَ تلك الشخصيةِ، فتقرّبتُ منه، وتعرّفتُ على إنجازاتِه ومعاناتِه وآلامِه، وكيف يتغلّبُ عليها، وتبادلْنا أطرافَ الحديثِ أحياناً، فنصحَني وأرشدَني..، شعرتُ أنه لم يتركْ بصمةً في الوطنِ فحَسْب؛ بل تركَ بصمةً وبسمةً في نفوسِ ووجوهِ جميعِ من قابلَهم.
ذاكَ الشخصُ الذي أثّرَ بِشذَى عِطرِه على مَن حولَه؛ هو مَن أجبرَنا على إدراجِه ضِمنَ قائمةِ أولئكَ المُتفرِّدينَ بالسمعِ والطاعةِ لهم حُبّاً.
وأستذكِرُ هنا ما يقولُ الرّوحانيونَ: “اتبَعْ نداءَ قلبِك” وبما أنّني روحانيٌّ رغماً عنّي، ولا أملكُ بديلاً عن ذلك؛ عليَّ أنْ أدعوَ اللهَ أنْ يستجيبَ دعائي، وأتبَعُ نداءَ روحي، وأُنمّي ذاتي، وأُقدِّرَها وأُكرِمَها، أو أسيرَ عكسَ الاتّجاهِ؛ وفي كِلتا الحالتينِ الطّريقُ طويلٌ، وليس له نهايةٌ.
أخيراً أُقِّرُ وأعترفُ بأنّ بعضَ الناسِ تَعرِفُهم طوالَ حياتِك؛ لكنهم يمُرُّونَ مرورَ الكرامِ؛ ولا يتركونَ فيكً أثراً، وأشخاصاً تتعرّفُ إليهم لبعضِ الوقتِ، يتركونُ جزءاً منهم معكَ إلى الأبَدِ.