فضلُ العشرِ الأوائلِ من ذي الحِجّة

إعداد: إسراء أبو زايدة
من فضلِ اللهِ ومِنَّتِه؛ أنْ جعل لعبادِه الصالحين مواسمَ ،يستكثرونَ فيها من العمل الصالح، ومن هذه المواسمِ عَشرُ ذي الحجة.
فإنّ أحبَّ الأشهرِ إلى اللهِ تعالى؛ الأشهرُ الحرم ، وأحبُّ أشهُرِها إليه؛ شهرُ ذي الحجة، وأفضلُ أيامِ ذي الحجةِ؛ العَشرُ الأوائلُ ، وهي أفضلُ أيامٍ الدنيا، كما جاء ذلك عن النبي “صلى الله عليه وسلم” حيثُ قال : ” أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العَشر “, وقال صلى الله عليه وسلم : ” ما من أيامٍ أعظمُ عند الله ، ولا أحبُّ إلى اللهِ العملُ فيهنَّ؛ من أيامِ العشرِ ، فأكثِروا فيهنّ من التسبيحِ ، والتحميدِ ، والتهليلِ ، والتكبيرِ “
في لقاء “الثريا” مع د.ماهر السوسي؛عن فضائلِ العشرِ الأوائل من ذي الحجة؛
أنّ اللهَ أقسمَ بها في كتابهِ العزيزِ؛ حيثُ قال سبحانه : “ والفجرِ وليالٍ عشر ” .
ومن فضائلِها أنّ اللهَ أمرَ فيها بكثرةِ التسبيحِ التهليلِ والتكبيرِ والتحميدِ فيها .
ومن فضائلِ العشرِ أنّ فيها يومَ “عرفة” وهو الركنُ الأعظمُ من أركانِ الحج ، الذي لا يتِمُّ الحجُّ إلا فيه ، “فالحجُّ عرفة” كما قال المصطفى “صلى الله عليه وسلم”
ومن فضائلِ العشرِ من ذي الحجةِ؛ أنّ فيها صيامَ يومِ عرفة، فقد سنَّ النبي” صلى الله عليه وسلم” صيامَه لغيرِ الحاجِّ ، أمّا الحاجُّ فعليه أنْ لا يصومَ ذلك اليومَ؛ ليتفرّغَ للدعاءِ، ويتقوَى على العبادةِ هناك ، وأمّا غيرُ الحاجِّ؛ فالمُستحَبُّ له ألاّ يتركَ صيامَ ذلك اليومِ العظيمِ ، لقولِه صلى الله عليه وسلم : ” صَومُ يومِ عرفة يكفِّرُ سنتينِ، ماضيةٍ ومستقبَلةٍ . ٍ
وأخبرنا رسولُ اللهِ أنّ بهذه الأيامِ يكونُ العملُ الصالحُ أحبَّ إلى اللهِ من الأيامِ الأخرى, قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما العملُ في أيّامٍ أفضلُ في هذه العشرةِ، قالوا: ولا الجهادُ، قال: ولا الجهادُ إلاّ رجلٌ خرجَ يخاطرُ بنفسِه ومالِه؛ فلم يرجِعْ بشيء».
والسببُ في امتيازِ عشرِ ذي الحجة لهذا الفضلِ ، لاجتماعِ أمَّهاتِ العبادةِ فيه، وهي الصلاةُ والصيامُ والصدقةُ والحجُّ، ولا يأتي ذلك في غيرِه.
ويعرِضُ د. السوسي الأعمالُ التي تؤدَّى في الأيامِ العشرِ ومنها:
- التكبيرُ،ويبدأُ من أولِ دخولِ الشهرِ،حينما يَثبتُ دخولُ الشهرِ، يبدأُ التكبيرُ في أيامِ هذهِ العشرِ ولياليها، ويُكثرُ المسلمُ من التكبيرِ فيقولُ :اللهُ اكبرُ،الله اكبرُ،لا إله إلا الله، اللهُ اكبر وللهِ الحمد، يكرِّرُ هذا، ويرفعُ بهِ صوتَه، حيثُ كان الصحابةُ يرفعونَ أصواتَهم بالتكبيرِ في هذه الأيامِ العشرِ، وهذه ما اختُصتْ به هذه الأيامُ العشر، ويُسمّى هذا بالتكبيرِ المُطلَقِ بالليلِ والنهار.
- وكذلك يُشرعُ في هذه العشرِ الإكثارُ من الطاعات, من صدقاتٍ على المحتاجين، وصدقاتٍ في سبيلِ الله، وكذلك من صلواتِ النوافلِ في غيرِ أوقاتِ النهيّ،ولاسيما صلاةُ الليل، وكذلك لا يَفتُرْ المسلمُ عن ذِكرِ اللهِ فيها؛ بتلاوةِ القرآنِ والتسبيحِ والتهليلِ، فيشغلُ هذا الوقتَ بالطاعاتِ القوليةِ، والطاعاتِ الفعلية، يغتنمُها ويكتسبُ ما فيها من خيرٍ، فلا تَضيعُ عليه، يكونُ فيها صائماً في النهار، وقائماً في الليلِ، وتالياً للقرآنِ، مكبّراً ومهلّلاً ومسبّحًا، فيشغلُ لسانَه بذِكرِ الله، ويشغلُ بدَنه بالصيامِ والقيامِ، وهذا خيرٌ كثيرٌ في هذه الأيامِ العشرِ؛ التي العملُ الصالحُ فيها أحَبُّ إلى اللهِ من العملِ في غيرِها، وإنْ كان العملُ الصالحُ محبوباً عند اللهِ “جلَّ وعلا” في سائرِ الأوقاتِ، ولكنّ اللهَ يفضّلُ بعضَ مخلوقاتِه على بعض، ففضّلَ هذه العشرَ على غيرِها من أيامِ الزمانِ.
- وممّا يُشرَعُ في هذه العشرِ؛ أنّ من أرادَ أنْ يضحيّ عن نفسِه، أو عن نفسِه وغيرِه، فإنه إذا دخلَ في العشرِ؛ لا يأخذْ من شعرِه، ولا من أظفارِه شيئاً؛ حتى يذبحَ أُضحيتَه, وأولُ يومٍ يبدأ فيه الذبحُ يومَ العيد، هذا بالنسبةِ للحجاجِ، وأمّا بالنسبةِ لغيرِ الحجاجِ؛ فيذبحون الأضاحي، تقرُّباً إلى اللهِ سبحانه وتعالى، وسُنّةً نبويةً؛ سنَّها أبونا إبراهيم –عليه الصلاة والسلام- وأحياها نبيُّنا محمد –صلى الله عليه وسلم-،والأضحيةُ قربانٌ عظيمٌ يتقرّبُ بها المسلمُ إلى اللهِ، ويرى بعضُ العلماءِ وجوبَها، الإمام أبو حنيفة –رحِمه الله- يرى أنّ ذبحَ الأضحيةِ واجبٌ على الموسِرِ، وأمّا جمهورُ أهلِ العلمِ؛ فيرَون أنها سُنةٌ مؤكّدةٌ، وليستْ بواجب؛ وعلى كلِّ حالٍ؛ فذبحُ الأضاحي والهَديِ في هذا اليومِ، وما بعدَه ؛يدلُّ على فضلِ هذا اليومِ؛ قالوا: وهو المرادُ بقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،صلِّ صلاةَ العيد، وانحر هَدْيَك، وانحر أُضحيتَك في هذا اليوم.
فهذا اليوم تُؤدَّى فيه مناسكُ الحجِ،وطوافُ الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروةِ، ورميُ الجمرة، جمرة العقبة، وذبحُ الهَدي بالنسبةِ للحجاجِ، وبالنسبةِ لغيرِ الحُجاجِ ذبحُ الأضاحي، ومن فضلِ اللهِ “سبحانه” أنه مدّدَ أيامَ الذبحِ إلى ثلاثةِ أيامٍ بعدَ العيدِ، فأيامُ الذبحِ أربعةُ أيامٍ، يومُ العيدِ وثلاثةُ أيامٍ بعدَه.