فلسطينياتكتاب الثريامدونات الثريا

بعد 74 عاما على اللجوء المرأة الفلسطينية معاناة مستمرة وقرارات مجمدة

بقلم: نهال صلاح الجعيدي

فشلت المؤسسات الدولية خلال أربعة وسبعون عاما هي مدة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين من حماية المرأة الفلسطينية والدفاع عنها في وجه آلة القتل والتدمير العنصرية، وكذلك فشلت في رفع الظلم الواقع عليها جراء اعتقالها، ومنعها من حقوقها الإنسانية التي كفلتها كل المواثيق الدولية في حقها في الحياة والعلاج والتعليم والعمل والتنقل والسفر وحرية الرأي والتعبير وغيرها من الحقوق.

ورغم وجود عدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية كاتفاقية الغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وكذلك القرار 1325 الداعية لتوفير كافة التدابير لحماية المرأة الا إن هذه القرارات تبقى حبر على ورق فيما يخص المرأة الفلسطينية، التي تعيش أسوء الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية سواء في مخيمات اللجوء في داخل فلسطين المحتلة أو في الشتات.

لقد عانت المرأة الفلسطينية من انتهاكات جسيمة تمثلت في الاعتداءات الاحتلالية المتكررة ، من حروب وعدوان واجتياح للمدن والقرى ، الأمر الذي جعلها تعيش مرارة الفقدان باستشهاد الأب أو الزوج أو الأخ أو الابن فهي عرضة لفقدان أي فرد من أفراد عائلتها وفي حالات كثيرة فقدان كل أفراد أسرتها ، وهذا ليس في الداخل لكن أيضا لاحقتها بشاعة الاحتلال إلى أماكن وجودها في أماكن اللجوء، كما تعرضت للأسر وصبرت على أسر ذويها بل وأوقفت سنوات عمرها في انتظار خروجهم من السجن ، وصبرت على هدم المنازل والمنع من السفر ، والإذلال على الحواجز العسكرية ، والحصار ، والفقر ، والجوع.

إن اللجوء الفلسطيني له تبعات اجتماعية خطيرة وخاصة على المرأة، تتأرجح بين أزمة الانتماء والتمسك بالثقافة الفلسطينية من جهة، وأزمة الصراع مع الذات في التعايش ضمن حدود ثقافة مغايرة. وهذا الأمر يختلف بطبيعة الحال حسب ثقافة الجهة المستقبلة للمهاجرين.

إن وضع المرأة الفلسطينية المهاجرة التي تجمع بين جميع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الأسرة الفلسطينية في المهجر، وبين الأزمة النوعية التنشئة عن كونها أنثى؛ فتفرض عليها عزلة اجتماعية واقتصادية وسياسية تفصلها عن المحيط الذي تعيشه.

لقد بدى يظهر جليا أن الأجيال التي أنجبت في الخارج قد تأثرت بهذه المجتمعات، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأسرية والعائلية. التي أصبحت أضعف وذلك بسبب التباعد الجغرافي بين البلدان. والبعد المكاني والانشغال بأعباء المعيشة.

إن ظروف العمل القاسية التي يعاني منها الفلسطينيون في الشتات خاصة في المخيمات، عكست أثرها على فرص النساء في العمل. وبالتالي خلقت ظروف عمل صعبة ومعيقات أمام عمل المرأة، وبطالة مرتفعة بين صفوف النساء الشابات.

لقد أوضحت تقارير وكالة الغوث أن نسبة اللاجئات الفلسطينيات العاملات في قطاع الخدمات، تفوق نسبة النساء المشاركات في القوى العاملة للبلد المضيف؛ وقد يعود ذلك إلى توظيف النساء في قطاعات محددة ضمن الخدمات العامة كالصحة والتعليم في داخل المخيمات؛ فلا يسمح لهن بالعمل خارج حدود المخيم. وهذا يفسر ارتفاع معدلات البطالة بين النساء اللاجئات على وجه الخصوص. لهذا كانت النساء هن الأكثر فقراً وبطالة في المجتمع الفلسطيني في الشتات.

ولعل من أهم المشاكل التي تواجه النساء في مجال التعليم في المهجر، وضعية الإقامة، أي الوضع القانوني، وذلك أن العديد من النساء يأتين إلى أوروبا لاحقات بأزواجهن وفي كثير من الأحيان لا يتمتعن بحقوق الإقامة. خاصة وأن الرجل العربي يأتي إلى أوروبا ويتزوج بامرأة أجنبية للحصول على الإقامة والجنسية، وكثيراً ما يفشل هذا الزواج، ثم يتزوج مرة أخرى بعربية بعقد في بلده أو في بلد إسلامي ويأتي بها إلى أوروبا، وهنا المرأة الفلسطينية بهذا الوضع، غير معترف بها لدى السلطات بأنها زوجة خاصة، إذا لم يحصل طلاق مع الزوجة الأجنبية. وبالتالي تكون المرأة غير قادرة على المطالبة بحقوقها- خاصة بالعمل- في حالة عدم الحصول على تصريح إقامة دائم.

لذلك على المجتمع الدولي أن ينظر للمرأة الفلسطينية بأن لها حقوق ككل نساء العالم، وأن ينظر لأوضاعها المعيشية في الداخل والخارج ويضع حدا لهذه المعاناة بتنفيذ حقها في الحرية والعودة طبقا للقانون الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى