بزيادة جمرة في النار

بقلم: د. وائل الزرد داعية إسلامي
هكذا بكل سخرية واستهزاء، يقولها رجلٌ دون اكتراث، يظن الأبله أن الأمر هينٌ، وأنها أيام معدودة، وأن توحيده -إن كان موحدًا- سيخرجه من ظلمات يوم القيامة، ومن كُرَب النار، وما علم أن من الذنوب من يكفل لصاحبها التقحم في النار، والدَّع والزَّج فيها {يوم يدعون إلى نار جهنم دعا}.

مات الأخ من قبل، وبقيت الزوجة ومعها بنتٌ واحدة، فتمالأ على الزوجة المسكينة إخوة الرجل، ولا يزالوا بها يساومونها على حقِّها من ميراث زوجها، حتى قتلوها بالهم والغم، ثم بقيت البنت الوحيدة، بلا أب أو أم أو إخ أو أخت، هكذا بقيت كلالة -مقطوعة من شجرة كما نقول- ليبدأ مسلسل التهديد والوعيد، والعيش على الفُتات، وإلا فالإلقاء في الشارع هو النصيب، وممَّن من أعمامِها وإخوة أبيها !!!
والعجيب: أن هؤلاء -الأعمام- عندما ذهب إليهم رجلٌ كريم يذكرهم بالله، أنَّ الآخرة هي دار القرار، ما كان منهم مجتمعين إلا أن قالوا: بزيادة جمرة في النار!
ثم كيف ساغ لهؤلاء أن يصلوا ويصوموا، ثم هم يأكلون المال الحرام، فيجترؤون على حقوق العباد؛ التي منحهم الله إياها، من الميراث، ألا يخشون من قوله تعالى {إنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَٰلَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}، ثم كيف يعتدي هذا وذاك على حقٍّ قطعه الله وفرضه لصاحبه، وكيف يجرؤ على قطع رحمه من أجل قِطع أرضٍ سيزول عنها -هو- عما قريب، فإنه قد جاء في بعض الآثار: “مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، قَطَعَ اللهُ بِهِ مِيرَاثًا مِنَ الْجَنَّةِ». ونسألُ اللهَ العافية.
وأنا لا أدري واللهِ كيف هان على هؤلاء دينُهم، وكيف هانت عليهم كرامتُهم ونخوتهُم وعروبتُهم، وهل عادوا إلى الجاهلية الأولى؟ حيثُ لا دينَ، ولا أخلاقَ، أوَيظنونَ أنَّ أمرَ النار سهلٌ لهذه الدرجة، حتى يقولوا كلمتَهم المشوبة بالكفر، المصبوغة بالفسق، أوَلا يعلمون أنَّ داخلَ النار لا يموتُ فيها ولا يحيى، وأنه يظمأُ فيها ويضحى، وأنَّ غمسةً فيها تُنسيه نعيمَ الدنيا، وأن جلدَه يُبدل مراتٍٍ ومراتٍ ليذوق العذاب.
إن الأمر جدٌّ وليسَ بالهزل، وربِّ الكعبة:
أما سمعت بأهل النار في النار * وعن مقاساة ما يَلقُون في النار
أما سمعت بأكباد لهم صَدَعت * خوفاً من النار قد ذابت على النار
أما سمعت بأغلال تُناط بهم * فيسحبون بها سحباً على النار
أما سمعت بأجسادٍ لهم نَضجت * من العذاب ومن غليٍ على النار