الدين والحياة

لا تتأخر عما لا يتكرر

بقلم: د. وائل الزرد داعية إسلامي


هذه نصيحةٌ عرفتُ قيمَتها مؤخرًا -للأسف-، وصحيح أن من العيب أن يخطأ الإنسان، ولن يكون معصومًا، ولكن العيب هو: ألا يتعلم الإنسان من الخطأ حين يقع، وخلاصة عنوان المقال: أن أخًا عزيزًا لي، تُوفيَ والدُه قبل فترة، فوقفنا معه طوال أيام العزاء، نواسيه ونخفف عنه مصابه، وبعد انتهاء العزاء بمدة، بينما كنا جلوسًا إذ جاءت سيرةُ أحد الإخوة الكرام، فقال لي مفاجئًا: “والله أنا مش ناسي له هذا الموقف”! فقلتُ مستغربًا: وأي موقفٍ هذا؟ قال: “حين ماتَ والدي لم يشارك في الدفن، ولم يحضر للعزاء، ولم يقم بمواساتي ولو بالتليفون.”


فحمدتُ الله أني شاركتُ أخي في المُصاب، ولم يسجل عليَّ أني تأخرت، وبدأت أعتذر لصاحبنا الثاني أنه لم يحضر، وأقول: لعله كذا ولعله كذا، والتمس له يا أخي عذرًا وأعذرًا، والرجل لا يحمل لك إلا كل خير، وما عُرف عنه أنه يقاطعك أو يبغضك، ولا تقلق سأكلمه وربنا يسهل، ولكني تعلمتُ درسًا عمليًا، وللأسف وجدتُ نفسي مقصرًا كثيرًا في مثل هذه الأمور، حيثُ عدمُ مشاركةِ الناس فيما لا يتكرر لهم من مناسبات، “فعزمتُ على ألا أتأخر.”


ويظهر والله أعلم، أنَّ الأحداث التي لا تتكرر لا تُنسى، بل تبقى محفورة في ذاكرة الإنسان وقتًا طويلًا، وبعضها يورث الإنسان أسفًا وحسرةً، لا تُضاهيها حسرة، ولا زلتُ أذكر ذلك الموقفَ الأليمَ الحزينَ المؤسفَ، لذلكم الرجل الذي جاء قاطعًا المسافات، راغبًا في ملاقاة سيد المخلوقات، محمد -صلى الله عليه وسلم- فلما وصل إلى المدينة المنورة قيل له: “مات رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم”.


أقول: هذه واللهِ الحسرةُ التي ليس بعدها حسرة، وبالله كيف استطاع تلقَّى هذا الرجلُ الخبرَ؟ أم احتمل قلبُه النبأ؟ ما الذي حلَّ به حين علِم بالخبر؟ وقد كان أن يأتي مبكِّرًا، فيبادر ولا يتأخر عما لا يتكرر، إنه درسٌ عمليٌّ قاسٍ، نسأل الله أن يغفر لنا تقصيرَنا السابق، وأن يُعيننَا على التدارك في كل حدثٍ لاحق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى