مخاوف الاحتلال من تنفيذ عملية عسكرية موسعة في الضفة

بقلم د. خالد النجار
تزداد وتيرة تهديد الاحتلال بتنفيذ عملية عسكرية موسعة في شمال الضفة الغربية، وتتسع دائرة التصريحات الاعلامية من قبل قادة الجيش وفقًا لما أعلنت عنه مصادر إعلامية صهيونية، في سياق الاعتداءات المتكررة والمتواصلة للاحتلال ضد المدنيين العزل في محافظات الضفة، كمحاولة صهيونية لعزل الضفة كاملاً عن المدن المحتلة والتي بينت تقارير صهيونية أنها مطلب استراتيجي لتقليص الصراع في الضفة الغربية.
هذا التوجه يأتي في سياق مطالب السلطة الفلسطينية وعرضها على الاحتلال وقف الاقتحامات لمدة أربعة أشهر، كتجربة ميدانية مبدئية شريطة أن يدعم الاحتلال وتدعم الإدارة الأمريكية أجهزة أمن السلطة التي فقدت جزءًا كبيرًا من سيطرتها على الضفة، وهو ما صرحت به جهات فلسطينية اتهمت الاحتلال بالوقوف وراء ضعف السلطة وأعزت ذلك لتقليص الدعم الدولي لها، والذي ساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تواجهها، ما أدى إلى ضعف قدرتها على بناء منظومة أمنية جديدة، وتعيين عناصر جدد ، الأمر الذي أوجد نقصًا حادًا في القوى العاملة لدى جميع أجهزة أمن السلطة، وهو ما ينعكس ميدانيًا على أدائها في الآونة الأخيرة حسب ما تروج له إعلاميًا.
حيث يسعى الاحتلال لاستعادة الهدوء وفرض السيطرة المطلقة في ظل اشتعال المحافظات الشمالية التي تتسع بها دائرة الاستهدافات، وحدة الاشتباكات، ويعتبرها الاحتلال مركز العمق الذي تتشكل منه خلايا المقاومة، الأمر الذي يؤكد فشل الاحتلال في تقليص الصراع في الضفة بشكل منفرد، باعتبار أن السلطة شريكًا أساسيًا في كل عمل أمني يحقق الهدوء في المنطقة ويقمع مظاهر التسلح ومقاومة الاحتلال.
في ضوء ذلك من الواضح أن الاحتلال لا يزال يخشى القيام بعمل عسكري موسع في الضفة، رغم ما يتم الترويج له عبر وسائل الاعلام العبرية، وذلك للأسباب الاتية:
أولاً: من الصعب على الاحتلال تحديد أهداف أي عملية عسكرية جديدة في الضفة، لأسباب تتعلق بمنظومة العمل المقاوم التي لا يزال يجهلها الاحتلال.
ثانيًا: معظم العمليات التي نفذت منذ بداية العام وقتلت ما يزيد عن (20) صهيونيًا تمثل عملاً فرديًا، وهو ما يزيد التعقيد أمام العدو الصهيوني ويجعله أكثر دافعية نحو الابتعاد عن أي عمل عسكري لا يحقق أهدافه.
ثالثًا: قد يفضل الاحتلال مواصلة عمليات جز العشب التي ينفذها في عدد من مدن الضفة تحت حراسة أجهزة أمن السلطة، حيث تفيد المؤشرات الميدانية أن الاحتلال يفضل هذا النوع من العمليات لمنع اندلاع انتفاضة شعبية واسعة قد تكبده الكثير من الخسائر.
رابعًا: فشل عملية كاسر الأمواج التي استغرقت ما يزيد عن خمسة أشهر، واستنزفت الكثير من قدرات الجيش الحالية والمستقبلية، وهو أحد المؤشرات التي يعتمد عليها الاحتلال للقيام بأي عمل عسكري جديدة في الضفة.
باعتقادي أن الانتخابات الصهيونية ستكون دافعًا رئيسًا أمام صانع القرار الصهيوني للاستفادة من أي عمل عسكري يحقق مكسبًا صهيونيًا على قاعدة التوسع في تنفيذ الاعتداءات الصهيونية والإيقاع بأكبر عدد من الشهداء، الأمر الذي يعتبره قادة الاحتلال ميزانًا مهمًا وداعمًا رئيسًا لصندوق الانتخابات، وهي سياسة ينتهجها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، رغم فقدانه حالة الردع المطلق في الضفة وكذلك في قطاع غزة.