الدين والحياةدين ودنيا

فافزَعوا إلى الصلاة..

كتب: د, وائل الزرد داعية إسلامي


لما كسفتِ الشمسُ في زمنِ نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه؛ فإذا رأيتُموها فافْزَعُوا للصَّلاةِ، وفي رواية أخرى قال: “فصَلُّوا وادْعُوا” رواه البخاري.


قلت: إذا كان هذا الأمر النبوي بالفزع إلى الصلاة، والدعاء، والاستغفار، من أجل كسوف شمس أو خسوف قمر، فماذا نفعل اليوم، والعالم يموج كموج البحر؟ فالعالَم اليوم تتوالى فيه الكوارث الطبيعية بشكل غريب: فيضانات، وأمطار غزيرة، وسيول جارفة، وحرائق ملتهبة، وكل ما سبق يحرق الأخضر واليابس، تحدث هذه التغيرات الكونية في بلدان، عاشت ردحًا من الزمان على عكس ما وصلها اليوم!


إنَّ الذي يحدث في العالم اليوم، ينذر بتغير كوني لا سابق له، وليس لنا أمامه إلا اللجوء إلى الله، فإليه يُرجع الأمرُ كله، وبيدهِ ملكوت السموات والأرض، فاللهُ سبحانه وتعالى- {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ} وهو -سبحانه وتعالى- يمسكٌ السمواتِ أن تقعَ على الأرضِ إلا بإذنه، وهو -سبحانه- بيده مقاليدُ السمواتِ والأرض، بل وبيدهِ ملكوتُ كلِّ شيءٍ وهوَ يُجيرُ ولا يُجارُ عليهِ.


إنَّ ما يقع في العالم اليوم، يدفع المسلمين أولًا ثم العالَم ثانيًا، أن يَفِرَّ إلى الله فرارًا، فإن أهل الأرض بارزوا الله بالمعاصي، وظاهرَ بعضُهم بعضًا في الموبقات، وقديمًا كانت تُهلك الأمم على معصية يفعلونها ويجهرون بها، فقوم نوح أُهلكوا حين أعلنوا بعبادة الأصنام، وقوم عادٍ أُهلكوا حين سجدوا للأوثان، وقوم ثمود أُهلكوا حين اتخدوا مع الله الأنداد، وقوم شعيب أُهلكوا حين طففوا الميزان وأفسدوا الاقتصاد، وقوم لوط أُهلكوا حين تنكبوا الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهكذا باقي أقوام الأنبياء والرسل، حاق بهم ما كانوا يكسبون، واليوم لقد جمع أهلُ الأرض موبقات الأقوام كلها، وزادوا عليها، والليلة حُبلى وستلد كلَّ أمرٍ عظيم.


واللهُ سبحانه قد مقتَ الذين من قبلنا حين فشا فيهم الشرك بأنواعه، وغضب عليهم حين أعلنوا بالفواحش وجهروا بالكبائر، وما عاد لهم رادعٌ من دين أو خلق أو ضمير، والبشرية اليوم ما عادت تستحي من حَيٍّ أو ميت، فالإعلان والترويج للفواحش في سباقٍ بين مُتبعي الشهوات، يؤزهم الشيطان نحو الشر أزًّا، ومن قديمٍ قال فارس المنابر؛ الشيخ كشك رحمه الله:
إذَا مَا الظُّلمُ حَلَّ بأرضِ قومٍ، وعَمَّ البَلاء ،،، فَويلٌ ثُمَّ وَيلٌ لأهلِ الأرْضِ مِن رَبِّ السَّمَاء
فإلى الله المشتكى، وإليه الرُّجعَى والمُنتهى، فاللهمَّ إنا نبرأ إليك من كل ما يُغضبك، ونعوذُ بك من كل ما يُسخطك، لا قِبلَ لنا بعذابك، ولا حيلةَ لنا بنقمتك، نعوذُ بنورِ وجهِك الذي أشرقَت له الظلمات، وصلحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرة، من أن ينزلَ بنا غضبُك أو يحلَّ علينا سخطُك، لك العُتبى حتى ترضَى، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بك، يا كريم…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى