الخيانة لن تكون وجهة نظر

كتب الدكتور: وائل الزرد داعية إسلامي
ترددت في الآونة الأخيرة عبارةٌ ممجوجة، مفادها [أصبَحَت الخِيانَةُ وُجهةَ نَظَر] ويظهر -والله أعلم- أن من أوائل من أطلق هذه العبارة، هو صلاح خلف، المعروف ب “أبو إياد” في كتابه “فلسطيني بلا هوية”، حيث قال فيه: “أخشى ما أخشاه: أن تصبح الخيانة وجهة نظر”.
ونحن هنا إزاء هذه العبارة التي قالها القائد أبو إياد، استنكارًا لأصحاب منهج التسوية والتفريط بثوابت الأمة، واستنكارًا لمن صافح قاتلي أبناء الشعب، وابتسم في وجه المحتلين، نقول إزاء كل هذا: إن الخيانة والعمالة والجاسوسية لن تكون يومًا من الأيام، وجهة نظر، بل ستظل الخيانةُ خيانةً؛ ملعونةٌ ملعونٌ من قارفَها، ورضيَ بها، وأقرَّها له منهجَ حياة.
ألا تعِسَ كلُّ من رضي أن يكون بسطارًا في أقدام قوات الاحتلال، وبئسَ كلُّ من ربط مصيرَه بمصير الاحتلال وانتكسَ كلُّ من أعطى أكثر بلاده طواعيةً دون مقاومة للإحتلال.
إن تسمُّع أخبار الناس، وسرقة معلوماتهم، والتجسس على أمورهم الخاصة، ثم الإدلاء بها إلى الاحتلال، لينتج عن هذا التصرف المشين، اعتقال، أو تشريد، أو قتل أحيانًا، ليست وجهة نظر، بل هو خيانة عُظمى، وعمالة قذرة، وبيعٌ للنفس في سوق النخاسة والعبيد، ولن تجد عميلًا وضع يدَه في يد الأعداء، ورضي بهم على الأهل وأبناء الشعب، لن تجده إلا مقذورًا مدحورًا، يُفضح في الدنيا قبل الآخرة، ولو بعد حين.
وإن مباهاة بعض هؤلاء العملاء والخونة، بعمالتهم للاحتلال لن يجعل الخيانة مقبولةً لا شرعًا ولا عُرفًًا، حتى وتبوَّأ بعض هؤلاء المناصب العليا في الدولة -هنا أو هناك-، سيبقى الواحدُ منهم تطارده لعنةُ الخيانة، وتلاحقه مسبةُ العمالة، ولئن نسي هؤلاء أو تناسَوا مصيرَ أمثالِهم السابقين، من خونة وعملاء وجواسيس، فالتاريخ لا ينسى، والشعوب لا ترحم، خاصة أننا اليوم في زمن يُسجل فيه أنفاس الناس وهمساتُهم، ولا زال إلى اليوم العميل الخائن، المنعوت ب #أبو_رغال لا زال إلى اليوم: ملعونً، مبغوضًا.
وإنَّ سعيَ بعضِ هؤلاء الخونة والمتسفيدين منهم، لتجميل الخيانة بتغير اسمها، فيسمونها تارة بالتنسيق الأمني، وتارة بالمصلحة العليا للشعب، وتارة بالمقدور الممكن، وتارة هذا ما استطعنا والباقي على غيرنا، كل هذا لن يجعل الخمرَ شهدًا، ولن يجعل الزنا حريةً شخصية، ولن يجعل الربا فائدة اقتصادية، ولَنْ يَجعلَ الخِيانَةَ وجْهةَ نَظرٍ -كذلك-.