كتاب الثريامدونات الثريا

انعدام اليقين الوجودي تدفع “اسرائيل” لإظهار القوة

كتب : الباحث والكاتب السياسي عدنان القصاص

لا تزال مؤسسة صنع القرار “الاسرائيلي” أسيرة لحالة من عدم اليقين والثقة بالوجود، بالرغم من التفوق في الجوانب العسكرية، والإقتصادية، وغيرها.

ونفس هذا الشعور المرعب يدفع نتنياهو كمن سبقه للهرولة نحو التطبيع في المنطقة، لتعزيز حضور “اسرائيل” وابرازه على أنه ذات أهمية وضرورة للحفاظ على أمن المنطقة من العدو الوهمي (ايران) هذا من جانب.

ومن جانب آخر تسعى قيادة جيش الاحتلال لتعزيز قوة الردع (الفتك) من خلال استخدام القوة النارية المفرطة، في سبيل زرع الرعب الإستراتيجي في ذاكرة المقـ.اومة وحاضنتها، والنيل من مقدراتها واطالة فترات الهدوء ما بين المعارك والجولات التصعيدية، وهذا ما شهدناه في جولات التصعيد السابقة.

وبالتالي؛ تعتقد “اسرائيل” أن حالة (عدم اليقين الوجودي) قد انعكست على جميع مصادر التهديد التقليدي لوجودها، وزاد من عزم تلك المصادر على إظهار حقيقة ضعفها و خورها. وهذا الوضع المُقلق على ما يبدو لا يزال يؤرق (قيادة الإحتلال) بشكل متواصل، مما يدفعها باتجاه الهروب للأمام، كلما سنحت الفرصة لذلك، من خلال استدراج مزيد من الدول وغير الدول للتطبيع معها،

بالتوازي مع حالة التصعيد ضد مصادر التهديد المختلفة وذلك بحسب تَدرّجها في ميزان القوة، فإنها تستفرد بالحلقة الأضعف (الحالات العسكرية بالضفة) وصولاً لمراكز التهديد (قطاع غزة، والحزب في لبنان). وهذه الاستراتيجية بحسب صانعوها ربما تمنح “اسرائيل” هامش مناورة زمني، يسمح لها بتعزيز قدرتها على خلق توازنات مقابل مصادر التهديد، تمكّنها من التعامل معها مستقبلاً،

وليس العكس إذا ما استمرّت مراكمة القوة لدى مصادر التهديد من حولها فإنها “اسرائيل” تتوقع عدم قدرتها على السيطرة، في حال تفجرّت الأوضاع، على غرار ما حدث في العام 2021م. وهذا بدوره يضع صنّاع القرار في “اسرائيل” أسرى لحالة الخوف وانعدام اليقين الوجودي بشكل مستمر،

(خاصةً؛ إذا ما التقت نقطة قوة مصادر التهديد الخارجي، مع نقطة ضعف الكيان المتمثل بالتهديد الداخلي، في آنٍ واحد)، وعليه؛ فإنّ هذا ما يخشاه الاحتلال.لذا فإن الاحتلال يُعبّر عن مخاوفه بإظهار القوة من خلال مضاعفة حضوره في الساحتين الدولية والإقليمية لأجل شرعنة اجراءاته، وشيطنة مصادر التهديد.

بالتزامن مع رفع سقف تهديداته، واحداثه تغيّرات جوهرية داخلية، تمنحه على الأقل مساحة أوسع لممارسة عنصريته ضد فلسطينيي الداخل، و التغطية على حقيقة وضعه المشوب بحالة عدم اليقين الوجودي الذي يؤرقه، ويربك حساباته بشكل مستدام.وهذا فرصة مهمة لمراكمة القوة على كل الأصعدة، وتحديداً حشد الرأي الدولي الرسمي والشعبي في مواجهة عنصريه وارهاب الاحتلال.

بالإضافة للتأكيد على مشروعية مواجهة اجراءات الاحتلال اللاانسانية، الساعية للتطهير العرقي.مع ضرورة توحيد الصف الفلسطيني ونقل تأثير حالة الصراع ببعدها القطري إلى أبعاد أوسع تشمل الساحتين الإقليمية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى